أخبار

الخط الصفري !!

زار الرئيس “سلفاكير ميارديت” الخرطوم، فأمل الناس أن تنتقل العلاقة بين جنوب السودان والسودان إلى مرحلة جديدة من التعاون الإيجابي والتواصل المفيد، بعد أن علق الطرفان لأكثر من عامين في إشكاليات وتوترات علاقة تستقر شهراً وتتوتر شهرين، ثم تسكن الأوضاع لتتفجر مشاكسة أو تحالفاً أو تقارباً وفق مقتضى التطورات، التي يكون غالبها مرتكزاً في الناحية الجنوبية من البلد الذي انقسم إلى جزءين.
صحيح أن خروج بعض الأطراف والعناصر بعد الإشكالات الأخيرة بالجنوب قد أحدث انفراجاً كبيراً، لكن الأصح منه في تقديري أن القراءة الكاملة والخالصة بأن الأمور استقرت لصالح تيار السلام والتواصل الحسن مع جوار السودان، قراءة تفتقر إلى الدقة الكاملة، إذ يبدو أن ثمة عاملاً خفياً يكبل “سلفا” في التوجه الكامل بقلبه وعقله إلى الخرطوم.. ومن المؤكد أن هناك (فرملة) تعوق حركة الرجل وانفتاحه على الشمال! فمنذ أكثر من عام أو تزيد ومطلوبات والتزامات اللجان الأمنية والعسكرية عالقة لم يحدث فيها تقدم، لأسباب تتحملها بالكامل حكومة جنوب السودان، التي لم تحدث حراكاً نشطاً ومسؤولاً في قضايا تحديد (الخط الصفري) أو لجان المراقبة المشتركة أو أي مطلوبات أخرى وفق ما أقرته اتفاقات التعاون والمحاضر الرسمية على مستوى قيادات البلدين أو اللجان المفوضة بذلك.
الخرطوم تحلت بالتزام رصين حتى بعد تفجر الأوضاع بجوبا ودخولها حرباً أهلية داخلية، انتشرت حتى المقاطعات المتاخمة لحدود السودان من نواحي ولاية الوحدة وأعالي النيل والنيل الأزرق، بل أكثر من ذلك فإن الخرطوم فتحت الحدود للاجئين الجنوبيين ووجهت على مستوى رئيس الجمهورية بالتعامل معهم كمواطنين، بل وتم إرجاع بعض الواصلين إلى وظائفهم، وأمنياً لم تتدخل في النزاع، بل أعلنت صراحة دعمها للشرعية الحاكمة في الجنوب، وهو إعلان لم تجرؤ عليه دولة بالمنطقة.. بالمقابل فإن عوائد السودان من هذه المواقف لا تبدو مريحة، فعسكرياً التمرد الذي ضرب في جنوب كردفان وأجزاء واسعة من دارفور تسلل إلى النزاع الجنوبي، ووجد فيه سوقاً لإقامة تحالف جديد تساند فيه حركة العدل والمساواة الجيش الشعبي ضد المتمردين بقيادة “رياك مشار”، وهذه حقيقة أثتبها الشهود والضحايا وتقارير الأمم المتحدة والمنظمات.. وقطعاً فإن لهذا الدعم فواتيره اللاحقة بعد انجلاء المعارك!!
جنوب السودان بلد مضطرب حالياً، ويشهد تمرداً واسع النطاق وحرباً ذات أذرع إقليمية ودولية، وكلها أسباب ومسوغات تلزم السودان كجار وبلد أقرب لاتخاذ تدابيره الكفيلة بتعزيز أمنه القومي وسد الثغرات على حدوده.. وعلى خلاف بيان الناطق باسم القوات المسلحة، فإن المطلوب نشر أكبر عدد من قواتنا على الحدود مع جوبا.. وطالما أنها تتلكأ في تحديد الخط الصفري وتسمية مراقبيها ولا تأبه كثيراً بنشر مراقبين لتأمين الحدود، فمن جانبنا يحق لنا تأمين ظهرنا، إلا إذا كان المطلوب الانتظار حتى تضع الحرب أوزارها هناك، ليلتفت المتمردون السودانيون إلى عدوهم القديم وقد حازوا التشوين والإمداد.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية