رفع القيود..!!
} إطلاق الرئيس لحرية التعبير ورفع قيود الإعلام وتحريره من سلطة الدولة، ستحصد الحكومة ثمرته بإقبال القوى السياسية على الحوار والاتفاق على ثوابت وطنية.. وفي مناخ الحريات والتعبير عن الذات، تتلاشى الأسباب التي تؤدي بالبعض إلى حمل السلاح.. ولو أتيحت لـ”جون قرنق” وهو ضابط صغير في القوات المسلحة فرصة للتعبير عن رؤيته لمشاكل بلاده والجنوب بصفة خاصة لما حمل السلاح، وقاد التمرد من بور.. ولو صبرت الحكومة في انتخابات 1998م على “تعبان دينق” الذي ترشح في دائرة جبل أولياء معتمداً على وجود آلاف النازحين في المنطقة، ولم تأخذها- أي الحكومة- عصبية وضعف بصيرة وغشاوة وتحيزت لمرشحها “عبد الباسط صالح سبدرات” لما عاد “تعبان دينق” إلى التمرد واحتضنه “جون قرنق”.. ولو استقبل الفريق “فقيري” مجرد استقبال ضابطاً برتبة عميد في جهاز الأمن اسمه “موسى كوة مكي” تم تدمير منزله في كادوقلي وأستمع إليه ورفع عنه الظلم الذي حاق به يوم (الكتمة) 6/6، لما عاد “موسى كوة” يحمل السلاح وتبحث عنه الحكومة اليوم بأغلى ثمن ولا تجده.. ولو.. ولو.. أمثلة كثيرة وغير قليلة.. واليوم تفتح الحكومة نوافذ الهواء العليل الخالي من تلوث الشمولية لتكتب السطر الأول في دفتر الأوبة للوطن، وحق الناس في التعبير عن ما في النفس.. بالقانون والدستور!!
} بعض منسوبي المؤتمر الوطني من الوزراء والأمناء والنافذين في السلطة لا يثقون في أنفسهم، ولا في حزب المؤتمر الوطني، ولا في الشعب السوداني، و(يخافون) بلا مبرر الحريات.. يعتقدون أن المعارضة وأقلام المعارضة وصحف المعارضة ستهزم المؤتمر الوطني في ساحة التنافس الشريف وفضاء الإعلام، لذلك تجدهم (يميلون) ويدعون اتخاذ الإجراءات الاستثنائية التي تصدر من مخيلة السياسيين لا من الأجهزة الأمنية والعسكرية التي تتحمل دوماً أخطاء السياسيين في صبر وجلد وتدفع ثمن ذلك. فالصحافة لا تقيل حكومة ولكنها تقويها وتقوّمها.. وتضخ الحيوية في أوصالها.. وحزب يعيش في كنف الظلام ويخاف الحرية حزب غير جدير بالبقاء.. والمؤتمر الوطني يملك في رصيده أقلاماً قادرة على الدفاع عنه وحمايته ومقارعة الآخرين من أجل تجربة ديمقراطية راشدة!! والصحافة التي تصدر الآن في الخرطوم (70%) منها إما ملاكها ورؤساء تحريرها أعضاء في حزب المؤتمر الوطني أو أغلب محرريها على صلة تنظيمية أو فكرية بالمؤتمر الوطني.. فلماذا الخوف والتردد، وقد أعلن الرئيس جهراً عن إطلاق الحريات الصحافية؟ فما هو المطلوب اليوم من الصحافيين والكُتّاب لتعزيز قرارات الرئيس؟ وما هي مساهمتهم في (استدامة) مناخ الحريات؟؟ وكيف نجعل من مجلس الصحافة جهازاً لحماية المهنة وتعزيز الحريات؟؟ وأين اتحاد الصحافيين مما أعلن الرئيس؟!
} إذا كانت الحريات العامة هي الثمن الذي جاء بأحزاب الأمة والشعبي والاتحادي الديمقراطي إلى دائرة التوافق والحوار مع المؤتمر الوطني، وربما المشاركة في السلطة قادم الأيام، فإن السلام ووقف الحرب هي الوصفة السحرية لعلاج علل وأمراض الاقتصاد الوطني.. فالمشاركة السياسية شرطها الحرية، وتحسين الظروف الاقتصادية شرطه وقف الحرب.. وغداً أحلى من اليوم كما يقول الإنجليز.