الأسماء في الأمثال السودانية معظمها حقيقية
(الخيل تجقلب والشكر لي حماد)، (دخل بي حمد ومرق بي خوجلي)، (لحقت أمات طه)، (ناس كافوت ولا فوت تجيهم من الخلا يجوك من البيوت لا بدوك وقود لا بخلو كلمتك تفوت)، (الداير يعرف فاطمة يشوف أحمد في السوق)، (بخيتة في بيوت الناس نشيطة وفي بيت أمها ماسكاها الخبيتة).
كل هذه الأمثال مستوحاة من حياتنا العامة وتفاصيلها الدقيقة، وتترجم في شكل تعابير تلخص المشهد وتعبر عنه بطريقة ذكية وواصفة جداً بشكل قصير مصحوبة بتعابير مموسقة يسهل حفظها وتعبر عن المشاهد، وربما يصحب المثل إيقاع وحركة، والمدهش أن هذه الأمثال توضع بتلقائية، حتى عندما تقال في مناسبتها المحددة تجد أثراً في نفس سامعها.
وللأمثال السودانية العديد من الوظائف، فالمثل يحكي عن الجماعة وطريقة حياتهم، بل بإمكانه أن يعكس مدى التطور العقلاني للفرد، والأمثال بها الكثير من القيم التربوية رغم ما بها من قيم مثبطة أو باعثة للسخرية في بعض الأحيان.
تختلف أشكال الأمثال السودانية منها الساخرة والواصفة والتي ترد فيها أسماء الحيوانات أو الأفراد، أسماء الأعلام أو الجماعات كـ(لحق الغتسو) أو (الرقدو). لكن هناك أمثال تحمل أسماء لأشخاص يسيرون بيننا ولا ندري من هم أو ماذا فعلوا حكت عنهم تلك الأمثال ووصفتهم بهذه الطريقة وأصبحوا قدوة ومثلاً، ولمزيد من التقصي حول هذا الأمر التقت (المجهر) بالأستاذ “عباس الحاج الأمين” الباحث في الفولكلور بـ(معهد الدراسات الأفريقية والآسيوية – جامعة الخرطوم)، والذي بدأ حديثه قائلاً: “الأسماء التي ترد في الأمثال بعضها أسماء لأشخاص حقيقيين مثل (قميص عامر) و”عامر” شخص حقيقي وهو خياط بـ”مدينة الأبيض”، كان يجلب الأقمشة من “القاهرة” وفجأة توقف عن تجارتها، وبعد فترة جاءه رجل ذاهب إلى “القاهرة” فطلب منه إحضار قميص من مكان معين دون أخذ أية مقاسات، وقال له إنت بس قول عاوز قميص عامر، وفعلاً ذهب الرجل وأتى بالقميص”. وأيضاً من الأسماء المعروفة “حجازي” وهو من منطقة “أربجي”. أما عندما يقال لك الشيء (لحق أمات طه)، و”طه” ولد يتيم الأم وخالاته قمن بتربيته، وفي يوم ما خرج “طه” هذا إلى الخلاء للعمل ولم يعد فخرجن خالاته يبحثن عنه تباعاً ولم يعدن، لذلك يقال هذا (لحق أمات طه).
أما أمثال زعماء العشائر والطرق الصوفية كثيرة جداً في السودان (قدح ود زايد) شيخ الضباينة على جهة “القضارف” عند الاستنجاد بأحد شيوخ الطرق الصوفية وعدم الاستجابة يقال لك (ما عبد القادراً بالحيل)، وهذا المثل يحكي قصة رجل يود أن يقفز إلى الحمار مستنداً على عصاه فقال (يا عبد القادر) فوجد نفسه في الاتجاه الآخر للحمار دون أن يصعد، ومن هنا جاء هذا المثل. والبعض عبارة عن كُنية كـ( أم وأب، بت) على سبيل المثال (سعد “بت المنى” الأبوها دفعا والمولى رفعا)، و(البقول بت المك عزبة بقطع رقبة)، وهناك أيضاً أمثال تحمل ألقاباً مثلاً (شملة بت “كنيش” هي ثلاثية وقدها رباعي)، وما يلفت الانتباه في الأمثال أنها ترمز لطبقات اجتماعية بعينها، ففيها تحيز عرقي غير مقبول بالطبع، وأيضاً نوعي من حيث (الجندر)، ورغم ما بها من سلبيات تظل ايجابياتها في توصيف ومقارنة الأحداث والأفعال.