أخبار

نايل

أحدث الشاب السوداني (نايل) أحد المشاركين في برنامج المسابقات الغنائية على قناة (m.bc) حراكاً واسعاً بين متابعات السودانيين على مواقع التواصل الاجتماعي وانتقل الأمر إلى متابعة جماهيرية منتظمة من قبل المشاهدين الذين باتوا ينتظرون كل حلقة في انتظار تأهله للمرحلة التالية هذا مع التصويت اللازم فى مثل هذه المسابقات وقد امتد الأمر إلى مقالات الرأي ثم تطور قليلا إلى ظهور إفتاء من أحدهم بعدم مشروعية الدعم والتصويت لنايل! وهكذا تتسع المسألة وتخرج من نطاق الحدث العادي لتكون أمراً له إشاراته ودلالاته.
الفئة العمرية التي تهتم بالحدث هي شريحة عريضة من المجتمع السوداني وقد تكون هي الأغلبية وملاحظاتي عليها أنها اتفقت بالداخل والخارج على مساندة ممثلها المغني الأسمر، وخلافاً لانقسامات مواقع التواصل الاجتماعي المعنية بالسودانيين والتي يغلب عليها الجدل السياسي وجرعة التسييس العالية حد الإرهاق والملاحظ أن هذه الظاهرة وحدت أطراف النقاشات وجمعتها حول هوية المغني وكونه سودانياً وهو إسناد لم يخل أحياناً من انتقادات موضوعية أو أخرى انصرافية لكنها كلها لم تضعف حجم الكتلة المساندة.
اللافت بالنسبة لي أن احتشاد السودانيين وتوافقهم حول الأمثلة الثقافية كانت غناء أو شعراً أو أي شكل إبداعي آخر تتجاوز خطوط الطول والعرض السياسية عندهم وحدث من قبل اصطفاف مماثل حينما حملت الشاعرة روضة الحاج لواء السودان في أحد المسابقات الشعرية وكان الإجماع على موهبتها وتميز أدائها ثم كونها (سودانية) حافزاً مشجعاً لتحلق كل السودانيين حولها كرمز ودعموها أيما دعم من كل بقاع العالم وهذا ومقارنة وتطابقاً مع اختلاف طبيعة كل مؤدٍّ وعنوان وحالة “نايل” الحالية يطرح استفهاماً عن الغياب التام لأي مشروع لتحفيز الوحدة بين السودانيين والتوافق من خلال مشروعات أخرى خلاف السياسة ومواعينها من أحزاب وجماعات.
مجادلات وتأسيسات مثل أحاديث الهوية أقرب المداخل لها والفراشات التي ترسم ألوانها وهيئاتها هو العمل الثقافي والإبداعي والذي نحتاج إلى تحريره من محطة التكريم وحشد الناس في ليلة واحدة يحسنون فيها القول والعطاء لمبدع ثم إن انصرفوا نسيت الرسالة التي يمثلها من سلام وحب وخير، نحتاج إلى تطوير ومد ظلال العمل الإبداعي ليكون هو نفسه سهماً من سهام السلام والوفاق والتقارب الوطني والثقافة بمكوناتها المختلفة ووسائلها ورسائلها الأقدر على بلورة هذه الأفكار وتشخيص نماذجها الإيجابية أكثر من غيرها لأن التعبير السياسي عن تلك القيم قد يقع فى فخاخ التشكيك والظنون القاتلة التي قد تصرف البعض عن فكرة رائعة لمجرد عامل فقدان ثقة أو تصنيف سياسي يرد المرء عن الآخر ولو قال حقاً.
السياسيون وأحزابهم عليهم متابعة بعض الظواهر البرامجية، والصاعدون إلى سطح ساحات وصالات العرض لأن في بعض المشاهد والأحداث عِِبر وعظات وكثير يستلهم ويستحق النظر والتدقيق والمقاربة، فالمسألة أكثر من كونها ظواهر ترفيه أو لحظات عابرة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية