بين موقفين!!
> هل نزجي التهاني والتبريكات لعريسنا الدكتور “التجاني السيسي” والدعاء له بالرفاء والبنين ويداه مخضبتان بالحناء يرفل في ثياب العزة، وتحفه الملائكة وزغاريد الحسان والأفراح في (صالة دينار)؟! أم نعزي أنفسنا وأهلنا في “اللعيت جار النبي” و”الطويشة” و”سانية دليبة” و”أم قونجة”، حيث الموت والعنف والصراخ والحزن والنزوح والجوع بسبب هجمات التمرد؟! “دارفور” جريحة وتتألم من الوجع وقائدها الأول يرفل في ثياب الزواج المبروك في الخرطوم!!
أيام “السيسي” المخملية وأفراحه كأنها من الماضي البعيد تستعير قول “الغزالي”:
موائد إحسان يضوع لها نشر
وحضرة إيقان جلابيبها الستر
وصدح حمامات وتغريد بلبل
بروض أنيق فيه يبتسم الزهر..
> وفي “دارفور” الوجه الوجع المقيم والألم يعيد لنا ولو مؤقتاً قول “د. محمد الواثق” حينما ضاق السودان بأهله واختار مثقفوه وأساتذة جامعاته والمبدعون والكتاب الهجرة لأرض الله الواسعة، وكان نصيب “الواثق” صاحب (أم درمان تحتضر) و”كسلا” و”كوستي الرديف” الهجرة إلى “ليبيا”، وكتب ينعي نفسه ووطنه:
ما كنا في السودان نعاني ضيق معيشة
لو ساد في السودان أهل البصائر!!
> واليوم ما كانت “دارفور” تغرق في دمائها وتتدثر بأحزانها وآلامها وأوجاعها لو ساد في “دارفور” أهل العزائم، ولكنا فجعنا في قيادات خيل إلينا أنهم أحق بالقيادة والريادة والسيادة ولكن اكتشفنا غفلتنا وسذاجتنا وحسن نوايانا.
> في الخرطوم تزغرد الحسان لأفراح “د. التجاني السيسي” وفي “دارفور” تذرف “كلتوم” و”حواية” و”فاطمة” و”أم زمام” “وأمونة” الدموع لفقدان الابن والزوج.. “دارفور” غادرتها الأفراح وقادة (يعرسون) (وينبسطون) و”عبد الكريم الكابلي” يشدو دامعاً مع “عمر الطيب الدوش”: (قلت ليه يا العمدة انتشي.. ما شفنا زول شمر سواعدو وجانا من طرف البلد).
> في أيام أحزان “دارفور” التي أصبحت (بيت بكاء) كبيراً جداً.. رحل النائب “حسبو محمد عبد الرحمن” من سرايا الحاكم العام سابقاً والقصر الرئاسي حالياً إلى “نيالا البحير” متنقلاً بين القرى والأرياف مضمداً لجراحات وطنه وأبناء جلدته. “حسبو” وهو نائب لرئيس كل السودان رفض العودة للخرطوم.. نقل مكتبه لـ”نيالا”.. واتخذ حزمة من القرارات والتوجيهات.. وكان قريباً من مواقع الأحداث.. (مسح دموع الباكيات).. بينما الدكتور “التجاني السيسي” لا شغل له ولا مهام أخرى أُسندت إليه إلا ما يتصل بأمن دارفور وسلام دارفور ورفاهية شعب دارفور.. وحظي “التجاني السيسي” بدعم سياسي ومالي من رئيس الجمهورية ربما لم يحظ به نائب رئيس المؤتمر الوطني.. ويسند ظهر “السيسي” أهل الفور وتدعمه دولة (قطر) بالمال، ويجد من (الأمم المتحدة) السند المعنوي والمادي وطائرات اليونميد متاحة له وأتباعه من السلطة المقيمة في الخرطوم بدلاً عن دارفور، ولكن “السيسي” آثر ومتع نفسه بمناخ الخرطوم وأجوائها المخملية وشتائها الدافئ وترك “دارفور” وشأنها تلعق جراحاتها.. وتواجه مصيرها.. تنزف ولم تجد إلا “حسبو محمد عبد الرحمن” طبيباً مداوياً.. تصرخ في هجعة الليل ومن يفترض أن يهب لنجدتها في ليالي (صالة دينار)!!
> “دارفور” كانت تعتقد وتظن وتأمل في “د. التجاني السيسي” أن يكون لها أباً يرعاها أو أخاً أكبر يذود عن حماها، أو (حمو) يرد عنها كيد الأعادي، ولكن يا خيبة الأمل وحسرة القلب.. ما بين “زالنجي” و”الخرطوم” و”الكومة” و”اللعيت جار النبي” و”سرف عمرة”.. مأساة وطن وخيبة أمل في قيادات في التلفزيون يتحدثون وفي الصحافة يتوعدون وفي قصورهم الفارهة يقطنون، ونحن لا نملك إلا أن نقول (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ).