تغييرات مريبة!!
{ لا تسأل الحكومة عن دوافعها في التغييرات الوزارية والإعفاءات والترقي والانتقال من موقع إلى آخر.. ولكن بعض تلك التغييرات تبدو غامضة جداً ووراءها أشياء مسكوت عنها، ودونكم الإعفاء المفاجئ لسفير السودان في القاهرة د. “كمال حسن علي” من منصبه، وإعادته للسودان في منصب أرفع من سفير، هو (وزير دولة)!! ود. “كمال حسن علي” ارتقى للخارجية من الأجهزة الأمنية والعسكرية، حيث عمل منسقاً للخدمة الوطنية.. وفي حقبته كسفير بالقاهرة مشى بأقدام حافية على أشواك أحداث مصر التي شهدت إزاحة الإسلاميين من السلطة ووثوب العسكر إلى كراسي السلطة.. وساد اعتقاد في أوساط المراقبين بأن تغيير وتبديل د.”كمال حسن علي” جاء على خلفية التفاهمات التي جرت بين الجنرالين “عبد الرحيم محمد حسين” و”السيسي” أثناء زيارة الأول للقاهرة.. ولكن الخطوة التالية بنقل السفير “كمال حسن علي” خارج أسوار الخارجية، والدفع به شرقاً نحو وزارة الرعاية الاجتماعية كوزير دولة، تحت قيادة امرأة كانت موظفة تحت قيادته حينما كان منسقاً للخدمة الوطنية، تجعل أمر النقل هذه المرة يأتي من قائد سفينة الخارجية نفسه “علي كرتي”!! وهذا يدحض الافتراض القائل إن نقل السفير من القاهرة إلى الخارجية تم بتفاهم (الجنرالين).
{ وعجائب التعديلات وغرائبها لا تقف عند د. “كمال حسن علي” الذي يطوف على المواقع والمناصب كالفراشات بين الأزهار، وتمتد إلى أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم د. “عبيد الله محمد عبيد الله” الذي عين في التشكيل الوزاري الأول كوزير دولة بوزارة التجارة الخارجية، في المقعد الذي ارتقى صاحبه “فضل عبد الله” للقصر الرئاسي، وأسندت إليه ملفات صامتة كـ (جنوب كردفان) ودولة الجنوب.. والمفارقة الغريبة أن الوزير “فضل” لم يشارك في مفاوضات قطاع الشمال، وظل بعيداً عن البروفيسور “إبراهيم غندور”.
{ وعودة لـ”عبيد الله”، فإن الرجل الذي يحظى بثقة الرئيس “عمر البشير” ورعايته الخاصة، حيث يعده الرئيس لمستقبل يعتقد أن “عبيد الله” واحد من رجاله، تم نقله من وزارة التجارة قبل أن يؤدي القسم، وأسندت إليه مهمة وزير دولة بوزارة الطاقة والبترول، واعتقد الناس حينها أن وجود د. “عبيد الله” بالقرب من المهندس “مكاوي محمد عوض” سيساهم في معالجة احتجاجات المسيرية الدائمة على توزيع ما هو مخصص من خدمات اجتماعية في مناطق إنتاج البترول، وفجأة صدر قرار بنقل الدكتور “عبيد الله” من الطاقة والبترول إلى وزارة الخارجية كوزير دولة، ربما في المقعد الذي شغر بترفيع “صلاح ونسي” للقصر وزيراً لشؤون الرئاسة، أو بعد اعتذار البروفيسور “صبحي فانوس”. د. “عبيد الله” شاب طموح جداً ومثقف يقرأ في زمن لا يقرأ فيه التنفيذيون إلا تقارير الأداء، ويسنده قطاع اجتماعي عريض، ويعدّ وجوده تمثيلاً للشباب وأساتذة الجامعات عطفاً على أهله (البقارة)، ولكن التنقلات من موقع إلى آخر وفي فترات متقاربة وبلا مبررات كما يبدو للمراقب للشأن السياسي والتنفيذي من بعيد، تثير أسئلة عديدة.. هل التنقلات هي وضع الرجل المناسب في المكان المناسب وطبقاً للحاجة إليه؟! أم هي إرضاء لبعض مراكز القوى أحياناً، ومعالجات لأشخاص يعدّ وجودهم في الوزارة فرض عين تقتضيه مصلحة الدين والوطن والحزب؟!
{ غداً ربما تم نقل “عبيد الله” إلى وزارة الكهرباء والدفع بـ”كمال حسن علي” وزيراً في كوستي، وحل أزمة شمال دارفور دون خسائر بإسناد منصب الوالي إلى الدكتور “فضل عبد الله”، وترفيع “عثمان كبر” إلى منصب وزير الشؤون الإنسانية، حيث لا تزال الحاجة إلى عودة تلك الوزارة أكثر إلحاحاً.