الحاصل شنو؟!
هل علينا أن نجيب دائماً عن هذا السؤال؟! الحاصل شنو؟! فالسؤال على هذا النحو البوليسي ليس بريئاً تماماً.. وما خلفه لا يخلو من تحريض على الاعتراف بمحصلة خبرية سيئة.. حتى وإن لم يكن ذلك صحيحاً ودقيقاً!..
وين مختفي.. الحاصل شنو؟! مالك زهجان.. الحاصل شنو؟! شنو العملتو ده.. الحاصل شنو؟!.. يسألون.. ويمعنون في التشاؤم حين ترتسم على وجوههم تلك الدهشة التي تعني الشفقة.. رغم أن المشهد ليس جنائزياً إلى هذا الحد الذي يتخيلونه ويتصورونه!!
والله مافي أي حاجة.. هكذا نجيب.. لكنهم يلحون أكثر: عليك الله.. الحاصل شنو؟!
كأنه لزام علينا أن نخترع أية مصيبة حتى تكون هناك إجابة ما عن سؤال: الحاصل شنو؟!
ذات مرة فاجأني أحدهم وأنا ألقي عليه تحية الصباح بالصراخ في وجهي وهو يقول بدلاً من رد التحية: الحاصل شنو؟!
إجابته أدهشتني.. وجعلتني أشعر وكأنني قلت شيئاً قبيحاً غير إلقاء التحية.. لكنني متأكد جداً من أنني لم أقل شيئاً سوى.. صباح الخير.. لماذا إذاً صرخ في وجهي؟!
بعد قليل.. وحين لاحظ دهشتي وحيرتي أردف قائلاً: الحاصل شنو.. مرة تسلم علينا ومرة تجي.. ماشي ومطنش.. كأنك ما شايفنا!..
تنفست الصعداء.. وحمدت الله أن الأمر لا يتجاوز هذه الجريمة الصغيرة التي يمكن تسميتها (بالتطنيش) والتي لا أعرف حتى الآن عقوبتها في القانون مدنياً كان أم جنائياً.. ابتسمت ثم انصرفت.. لكنه لحق بي.. وأمسك بيدي وردد السؤال العجيب مرة أخرى: الحاصل شنو؟!
أجبته برهق: والله العظيم.. ما حاصل أي شيء.. والله العظيم أنا ما قاعد أطنشك.. ومرات كده بكون (سارح).. أو (مشغول) جد.. جد يعني مش (مركب مكنة) لا سمح الله.. عشان كده ما بسلم عليك.. رغم إني متأكد جداً أنو ما حصل شفتك وما سلمت عليك!!
كنت أظن أن إجابتي كافية جداً.. لكنه خيب ظني حين قال لي مجدداً: لا.. أكيد في حاجة.. أكيد إنت زعلان مني أو في زول قال ليك كلام.. عني ما كويس.. عليك الله الحاصل شنو؟
هنا.. ودون أن أشعر وجدتني أثرثر في الرد عليه وبشكل يخرج عن النص.. قلت له: الحاصل شنو يا أخي.. حاصلة مصيبة.. مصيبة عديل كده.. خلاص إرتحته!!
وبدلاً من أن ينصرف عاود أسطوانته المشروخة: مصيبة.. ليه.. الحاصل شنو؟! قلت له: الحاصل إنو.. أنا لازم أمشي.. لأنو الحاصل إنو.. إنو أنا ما عارف الليلة الحاصل شنو.. عشان تجيني سيادتك وتقول لي: الحاصل شنو.. بالجد كده قول لي: الحاصل شنو؟!