«إيطاليا» تعيد الحياة إلى (معبد مووت) في «جبل البركل» بالوسائل الفنية والكيميائية
في إطار تعزيزها لأنشطة التعاون الواسعة التي قامت بها “إيطاليا” في السودان في مجال التعاون الثقافي والأثري، أعلنت السفارة الإيطالية بالخرطوم عن نجاح عمل البعثة الأثرية الإيطالية للمرحلة الأولى من ترميم (معبد مووت) في “جبل البركل”، بالاشتراك مع (المعهد العالي الإيطالي للحفظ والترميم) في “روما” و(المؤسسة الوطنية للآثار والمتاحف) بدعم من (المتحف الوطني) في السودان، في إطار مشروع قطر السودان الأثري بتمويل من صندوق قطر والسودان الأثري جنباً إلى جنب مع أموال إضافية من الحكومة الإيطالية.
و”إيطاليا” هي بالفعل نشطة في السودان مع خمس بعثات أثرية أخرى، حيث تم توقيع مذكرة تفاهم في بداية عام (2013م) للتعاون في مجال الترميم والحفظ على المواقع الأثرية من قبل المعهد العالي الإيطالي للحفظ والترميم والمؤسسة الوطنية للآثار والمتاحف. والموقع الأثري لـ(معبد مووت) في “جبل البركل” هو المشروع الأكثر حداثة، وعقدت سفارة “إيطاليا” جنباً إلى جنب مع المؤسسة الوطنية للآثار والمتاحف والمعهد العالي الإيطالي للحفظ والترميم، ندوة مهمة جداً بشأن ترميم وحفظ الحجر، كما عقدت دورتين متعاقبتين في (المؤسسة الوطنية للآثار والمتاحف) و(دار الوثائق الوطنية)، وشملت الأنشطة السابقة الأخرى دورة في ترميم وحفظ المخطوطات التي قدمها الخبير العالمي الشهير البروفيسور “كوبيدي” في مكتبة (جامعة الخرطوم) بالتعاون مع وزارة السياحة والآثار والحياة البرية.
و(معبد مووت) يعود تاريخه إلى السلالة الخامسة والعشرين وتم إنشاؤه خلال القرن السابع قبل الميلاد عن طريق حفر في جانب “جبل البركل” وساعد هذا على الحفاظ على المعبد، وفي العام الماضي أوفد المعهد العالي الإيطالي للحفظ والترميم العديد من البعثات القصيرة الأجل من أجل تقييم الوضع الراهن، وقد أدت الأعمال التي نفذت خلال هذه المهمة الأخيرة إلى ترميم وحفظ “الدهليز” والغرفة التي تلت ذلك وتشكل الجسم الرئيسي لـ(معبد مووت)، باستخدام تقنيات الترميم الفنية والكيميائية على حد سواء، حيث قام فريق مشترك من (المعهد العالي الإيطالي للحفظ والترميم) و(المؤسسة الوطنية للآثار والمتاحف) باختبارات التنظيف من أجل تحليل “الإفريز” على عتب “الدهليز” وإجراء المزيد من الأعمال لحفظ غرف المعبد والتي سلطت الضوء على الألوان اللافتة من الكتابة الهيروغليفية في “الدهليز”، كما جرى العمل في الغرفة الثانية، إلا أن معظم النقوش لم يتم الكشف عنها حتى الآن، حيث ينتظر إجراء المزيد من الحفريات والبحث للكشف عن مزيد من الغرف الجانبية التي تنتمي إلى (معبد مووت) تحت إشراف خبراء من (المعهد العالي الإيطالي للحفظ والترميم)، وأقام الفريق الأثري هيكلاً مسقوفاً ومحاطاً بجدار لحماية غرف المعبد من التدهور الناجم من العوامل الخارجية وضمان استقرار المناخ الجزئي في المعبد، بالإضافة إلى بناء الهيكل باستخدام مواد مستدامة بيئياً واعتماد تقنيات البناء التقليدية السودانية، وتم تشييده أيضاً لإمكانية وجود بعثات مقبلة ستستمر في أعمال الترميم التي أجريت حتى الآن.
السفير الإيطالي بالخرطوم “أرماندو باروكو” قال لـ(المجهر): “إن (معبد مووت) هو واحد من المواقع الأثرية الأكثر أهمية في السودان، ويعتبر جوهرة التراث الثقافي السوداني، وبمجرد ترميمه بشكل كامل سوف يصبح عامل الجذب الأثري الرئيسي في البلاد، وسيضع السودان في نهاية المطاف على الخريطة السياحة الأثرية العالمية مع الفوائد الكبيرة لكل البلد”.
من جهتها أعلنت منسقة المشروع ومديرة الآثار في المعهد العالي الإيطالي للحفظ والترميم، السيدة “ماريا لورينتي”، أن العديد من النتائج الرائعة تحققت في مجال التعاون الأثري بين “إيطاليا” والسودان، منها الانتهاء من المرحلة الأولى من ترميم (معبد مووت) في “جبل البركل”، وهي ليست سوى المثال الأخير، الذي تم إنجازه بفضل التعاون الممتاز بين (المعهد العالي الإيطالي للحفظ والترميم) و(المؤسسة الوطنية للآثار والمتاحف)، وأيضاً بفضل الاحتراف الذي لا يقدر بثمن والدعم المستمر من قبل الشركاء السودانيين.
الانتهاء من المرحلة الأولى من أعمال الترميم في (معبد مووت)، قد وضع حجر الأساس للتعاون المستقبلي في مجال الترميم الأثري مع السودان، وقد أبرز رد البلاد القوي نحو الحفاظ على التراث الأثري الغني والمتنوع. وسوف تستمر “إيطاليا” في العمل لدعم جميع البعثات المستقبلية في (معبد مووت) وتوسيع وتعزيز جميع الأنشطة الأخرى في قطاع التعاون الأثري والثقافي مع السودان.