أخبار

مضروبة !

أعلنت وزارة البيئة والتنمية العمرانية أنها اكتشفت دخول أجهزة إلكترونية “مستعملة” إلى السودان خلال الفترة الماضية. وحمل وزيرها حسن هلال هيئة الاتصالات والجمارك والتجارة الخارجية، مسؤولية دخول الأجهزة الإلكترونية المستعملة للسودان ملوحاً – قلت ملوحاً- برفع القضية لمجلس الوزارء الاتحادي عبر القطاع الاقتصادي، ومضى في القول إن وزارة البيئة مسؤولة عن وضع السياسات ومراقبة تنفيذها، والقياس للتحذير من التلوث البيئي، لأن بعض الشركات أدخلت أجهزة مستعملة ومعاد تجميعها وقصيرة العمر، إلى السودان، مبيناً أن التالف من الأجهزة الإلكترونية يجب أن يصدر إلى دولة المنشأ، لتقوم بإتلافها أو إعادة تدويرها بصورة أخرى !
بدا لي القول غير لبق وبه شبهة انتزاع اختصاص، ومع تفهمي لحماسة وزير البيئة لحماية البيئة إلا أنه ارتكب مخالفة بدخوله المياه الإقليمية لوزارات أخرى (الاتصالات والتجارة) فهو كان يمكن أن يتحدث عن أضرار نفايات هذه السلع وكون السودان مكباً لها ثم يترك للآخرين من رصفائه شرف أو (لا) شرف جريمة إغراق السوق وتمرير أجهزة (مضروبة) إلى السوق المحلى خاصة إن علمنا أن الغالب الأعظم من بضائع الإلكترونيات تأتى عبر المنافذ الرسمية بالموانئ البرية والجوية والبحرية عبر إجراءات بعضها يتصل بالمقاييس والمواصفات والآخر بالجمارك فضلاً عن وزارات كبيرة ومؤسسات مهمتها وشغلها تأمين الاقتصاد وحمايته ولا يمكن بالطبع افتراض أن هذه الجهات متورطة عمدا أو مهملة سهواً وإن كان الوزر الأعظم سيطال هيئة المقاييس والمواصفات لأنها الجهة الوحيدة التي تراجعها الجمارك والأمن الاقتصادي وكل الدوائر والمعاملات المرتبطة باجازة سلعة وغرض يدخل إلى السوق.
شهاداتها مبرئة للذمة للبائع والمشتري وإنما وجدت لتكون العين الفاصحة والأمينة على كل الوارد إلينا من أنحاء العالم التجاري ولذا فالحديث عن أجهزة تالفة وغير مطابقة للمواصفات والمقاييس اللازمة لاعتبارها أجهزة إلكترونية صحيحة يعني ببساطة إما أن تجاوزاً وقع في الاشتراطات وتدقيق المعايرة أو أن البضاعة التي يعنيها وزير البيئة لم تمر عبر قنواتها وهذا احتمال في حال ثبوته سيعني أن الجريمة أكبر مما نتصور أو نظن، ولهذا فإن المسألة معقدة ومن المؤكد أنها ســـ(تجر) أرجل جهات كثيرة إن فتح بشأنها تحقيق وتقصٍّ كما أنه يشير إلى خلل مريع في أمر التنسيق والتواصل بين المؤسسات ووزارات الحكومة فلو أن هناك تنسيقا وخطوطا مفتوحة وتشاورا على المستوى المهني والفني بين هيئة الاتصالات والوزارة وبين الجمارك وهيئة المقاييس ووزارة التجارة الخارجية ووزارة البيئة نفسها لما اضطر الوزير هلال لإخراج هذا القول عبر برنامج (المحطة الوسطى) بقناة (الشروق) الفضائية التي هاتفها بمداخلة قدم فيها هذا الكشف المحبط، رغم وجود عشرات اللجان المشتركة والتواصل شبه اليومي لطبيعة تقارب اختصاص الدوائر.
أعتقد والله أعلم أن مثل هذه الأخبار تستحق أن تتعامل معها الحكومة بجدية وبشفافية تجيب بها على كثير من الاستفهامات وقد تكاثرت الاتهامات حول كثير من أمور استيراد السلع وكلها قضايا تثار في الرأي العام العام والصحف ثم تختفي.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية