أخبار

يعتزم ويلوح !

أبغض الأخبار عندي والمنشورات الصحفية تلك التي تبدأ بعبارة (يعتزم) القائد فلان أو الحزب الفلاني أو المؤسسة المعينة عمل كيت وإتيان كذا. ويكتمل هذا البغض بحالة استخدام الفعل (لوح) و(يلوح) ! إذ استشعر حينها أن الجهة القائلة إما أنها لا (تعتزم) إنفاذ عزمها أو أنها (تجخ) كما نقول في العامية، فسرعان ما تمضي الساعات والأيام والأسابيع وتنطوي صفحة الحدث موضوع التلويح ولا يلوح شيء !
أقرب الأمثلة المفسرة لحديثي هذا التناول المستمر لأمر الأموال المختلسة أو المهدرة وقد تصاعدت في الأيام الأخيرة الإشارة إلى ما سمَّاه نائب بالبرلمان اختلاسات كبيرة وخطيرة في المصارف، مؤكداً امتلاك البرلمان وثائق تفصيلية عن حجمها، مشيراً إلى اعتراض النواب على تلك المسألة وتهديدهم بكشفها للرأي العام، وفي الحديث هذا إشارة إلى وجود لصوص ينهبون البنوك وأن المجلس الوطني يمتلك وثائق لكنه يهدد فقط بالنشر ولك تصور ما في هذا الحديث من طرافة وتناقض وجخ.
طالما أن هناك وثائق فالصحيح أن تساق هذه المصارف ولصوصها عملاء أو مسهلين إلى المحاكم فإن ثبتت عليهم التجاوزات قدموا الى القضاء ليقول كلمته ويصدر حكمه بالسجن أو استرجاع الأموال حسب التكييف القانوني لجريمة كهذه ويترافق الأمر مع حق الرأي العام في الكشف عن أسماء وتفاصيل هويات تلك المصارف والمتهمين المدانيين وبغير تلك الطريقة فإن الأمر يدخل في باب (الكلام الساكت) والتوظيف المهاري لأعمال النيابة البرلمانية حينما يتقدم النائب بحديث فظ ومطول عن مصاصي عافية الاقتصاد وناهبي قوت الشعب والقطط السمان ثم لا نرى قطاً أو لصاً يحاكم ولن نرى هذا طالما أن القضية برمتها عالقة في بند الاستخدامات الخطابية ودائرة التهديد والتهديد وأننا نملك وثائق وأدلة تقدم في التصريحات الصحفية فقط.
إن الحكومة وبرلمانها بحاجة إلى إظهار جدية أكثر حول قضايا الفساد وتجاوزات المال العام فالسلطات التي تصادر (عدة) امرأة مسنة تفترش في قارعة الطريق وتحت الهاجرة وتصدر عليها أحكاماً محلية بالغرامة أولى بها أن تصادر حرية كل من تثبت عليه ادانة مؤكدة في قضايا تجاوزات المصارف والتى لا تترك لبعض صغار المعسرين ولو في برامج التمويل الأصغر فرصة لالتقاط الأنفاس وتطاردهم وتشدد عليهم فإن ابتلع عظيم مليارات تم الصبر عليه بل ولربما منح تمويلا آخر باعتباره (وجيه) ورجل من القريتين عظيم ولهذا اكتظت السجون بالمطلوبين في (ألفاً) و(ألفين) واحتشدت صالات كبار الزوار بالخارجين بالمليارات.
ثقتي مؤكدة في أن هذه البلاد بخير، وأن خيراتها (تزيد وتغطى) ولكنها تظلم من أبنائها وبقليل انتظام وترتيب يمكن لكثير من أوجه القصور أن تستدرك وهذه مسؤولية الجميع، لكل منها سهمه ودوره وواجبه وعلى قاعدة أساسية وثابتة وهي الشفافية التي لا تسمح إلا بالصحيح والسليم من البيان والعمل والصحيح.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية