أخبار

فنجان قهوة..!!

لا أريد كوب الشاي.. أفضََّل في هذا الصباح الذي باغتني باكراً أن أحتسي قهوة سوداء وشديدة المرارة.. أجل لو سمحتي ناوليني فنجاناً من القهوة.. بدون السكر.. بدون أي شئ.. فقط بُن أسود داكن.. فالصداع يكاد يفجر رأسي.. لا.. لا أعتقد أنها ملاريا فأنا أعرف أعراضها جيداً.. بالأمس بل الأمسيات كلها التي مضت مؤخراً لم أنم جيداً.. ظلت عيناي تحدقان في سقف السماء.. بحثت عن نجمة واحدة فلم أجدها.. أما القمر الغائب فهذا ليس موسمه… إنه في مدار آخر بعيداً عن الأرض أو ربما سئم الإطلالة المملة على كل هذا القُبُح..!
ناوليني فنجان القهوة.. أريدها ساخنة.. ساخنة جداً.. شكراً لك فأنت الوحيدة التي تنفذي طلباتي رغم أنها بسيطة ووضيعة جداً.. ما رأيك أن تقري لي الفنجان في هذا الصباح؟! أعرف أن هذه ليست مهنتك.. لكن حاولي فالذين يقرؤون الفناجين هذه ليست مهنتهم أيضاً.. أرجوكي لا تحاولي تطميني وبعثرة الورود في طريقي.. قولي لي الحقيقة مهما كانت قاسية.. أعرف أن أمامي سكة سفر طويلة.. وقد تكون هناك بشرى سارة في الطريق ظللت أنتظرها زمناً.. لكن هذا لا يعنيني كثيراً الآن فقد أدمنت الارتحال والانتظار..!
حدثيني عن طقس العالم غداً.. المطر يأتي لغسل وجه العالم من كآبته.. عن زغرودة فرح تصدر من الأعماق وليس أطراف الألسنة.. عن حُزن يعتصم بعيداً عنّا قليلاً.. عن عصفور غير مهدد بالحبس في قفص..!
عُذراً – عزيزتي – لقد أسرفت في قراءتي النموذجية والمتفائلة لفنجاني هذا الصباح.. وتمنيت أشياء قد لا تظهر في قاع الفنجان.. أو حتى جزئه العلوي.. هيا.. قولي شيئاً.. لماذا أنت صامتة.. كأنك تقرأين شيئاً مرعباً ولا تريدين إخباري به.. الموت مثلاً أو مآلات الحتف.. لقد طلبت منك قول الحقيقة مهما كانت قاسية.. ولكن ليس على هذا النحو التراجيدي القاتم.. علينا أن ننظر للجزء المليء من الفنجان وأن نتفاءل ولو قليلاً.. أليس كذلك؟!
سأنصرف.. يبدو أنني ثرثرت كثيراً هذا الصباح.. لكن إلى أين ستكون وجهتي؟! هل أذهب لـ… لا.. سأذهب إلى… إلى شاطئ النهر الذي أحبه.. سأجرب حظي هذه المرة في اصطياد السمك.. أعرف أنني لست ماهراً في هذا الأمر بالقدر الكافي.. وأعرف أيضاً أن حظي لا يمكن المراهنة عليه بهذا الشكل المفرط.. لكنني فيما أظن صبوراً بعض الشئ.. والصيد هو مباراة في الصبر.. على أية حال لن أخسر شيئاً سأجرب.. فلتكن نوعاً من التسلية العابرة.. أو حتى لمجرد تزجية الوقت!
آه.. كم افتقدتك أيها القلم.. لا أعرف من الذي خاصم الآخر كل هذا الزمن.. لكنني ها أنذا أعود إليك.. إلى المغامرة المضنية مرة أُخرى.. مهما كان الثمن فادحاً.. حيث لا وسيلة لي سواك كي أفهم كل هذا الغموض الذي يحاصرنا ويطوق أعناقنا.. سأدعهم يقرؤون الفناجين الفارغة ويتنبئون برحيلنا المباغت.. لن أكترث بتوقعاتهم للطقس والحياة.. سأصمت و.. أكتب..!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية