أخبار

كشة "مسار"

ضحكت من تصريحات المهندس “عبد الله مسار” رئيس لجنة النقل والطرق بالبرلمان، والذي هدد بالقبض على مدير شركة الخطوط الجوية السودانية (سودانير)، حال لم يستجب للاستدعاء المتكرر من اللجنة. وقال “مسار” حسب صحف الأمس إنه بعث بخطاب لمدير الخطوط الجوية واعتذر – لم تبين الأخبار هوية المعتذر- ثم تابع رئيس اللجنة مؤكداً (إذا لم يمتثل حأقبضه)، مؤكداً أحقية البرلمان في أن يستدعي الجهات المعنية ومن لم يحضر يحق استدعاؤه بالبوليس.
هذا حديث لا يعتد به ليس لأن البرلمان غير قادر فهو قادر، وله من الحصانات والمسؤوليات والاختصاصات ما يمنحه الحق في استجلاء أي حقيقة وموقف من مظانه الصحيحة، ولكن هذا الأمر قطعاً لا يعني أن يتجاوز البرلمان الوزراء للقفز مباشرة إلى من هم دونهم، لجهة أن الوزير هو المساءل أمام النواب وليس مديري الأفرع والوحدات، لأنهم إدارياً وقانونياً يرفعون أعمالهم للوزراء حسب الاختصاص. وإن لم يكن كذلك فإنه وبمنطوق “عبد الله مسار” الحماسي هذا والهتافي يمكن للبرلمان أن يستدعي مدير القضاء في الكاملين ورئيس الشرطة في وادي صالح، ومدير مصنع سكر سنار وناظر مدرسة البواسل الثانوية والمشرف على مسرح البقعة. ولا إذن لاستدعاء وزراء العدل والصناعة والتعليم كل حسب الاختصاص فالبرلمان يده لاحقة !!
الغرض من هذه اللجان البرلمانية أن تكون عوناً للوزارات بالنصح والإرشاد والتقويم، بل وأكثر من هذا يمكن لها اقتراح سحب الثقة وحجبها ولكن الأولوية للتعاطي الايجابي والصحيح. فلسنا في معركة كسر عظام حتى يتحدث نائب بهذه الطريقة الغريبة والتي إن كانت تصح فلتستدعِ لنا لجنة برلمانية ما الألماني “كروجر” مدرب فريق المريخ ليحدث نواب شعبنا عن خيبة فريقه ودوره كمدير فني فى ذلك.
والحقيقة إني لا أسخر ولكن هذا ما جناه “مسار” على لجنته المؤقرة واللجان الأخرى، إذ يرسل الآن الرجل رسالة خاطئة عبر التلويح باستخدام الشرطة والقوة الجبرية، فلم يبقَ إلا أن يطالب بتخصيص مركبة لــ(كشة) المديرين الذين يطلبون للاستجواب. ولا أعرف حتى الآن ظاهرة الموجة الجديدة من جر قدم الشرطة وبشكل وكأنه يقصد لإضفاء الإثارة على الحديث والحدث.
قضية الخطوط الجوية السودانية – مثلاً – ملف معقد ويتطلب قدراً كاملاً من الشفافية. ويحمد للبرلمان حرصه على ذلك، ولكن السؤال هل قضية الشركة المنكوبة في إفادة (المدير) وإيجابه بالحضور من عدمه، أم أنها قضية كبيرة تتطلب معالجات إدارية وقانونية واقتصادية بمواصفات ولاية الدولة بالكامل، على هذا الملف من أعلى المستويات. وكثير من شواهد وأوراق هذا الملف متداولة بين وزارات وقيادات سياسية وتنفيذية هم الأحق بالمثول والاستدعاء ليس أمام البرلمان، بل أمام لجان أخرى لمعرفة ما حدث وما سيحدث وتحديد الجناة، أو الانصراف على مقترحات عملية تعيد للسودانيين طيرانهم وخطوطهم العاملة على نقلهم.
الحماسة والصرامة مطلوبتان مهمتان في العمل البرلماني، ولكن الخط رفيع بينهما وبين الانفعالات المثيرة للشفقة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية