أخبار

جناة الواتسب

المقاطع المتداولة والمنتشرة على (الواتسب) وبعض مواقع التواصل الاجتماعي ووسائطه هذه الأيام، والتي تثبت وقوع جريمة أخلاقية بشعة، زادت بشاعتها بحرص منفذيها على التصوير والنقل الحي، والإظهار الكامل للوقائع والأشخاص شكل لي صدمة عنيفة، لأن الجناة ووفق الصورة (المثبتة) لهم نقلاً عن المقاطع تظهرهم في سن صغيرة، مما يفاقم الحيرة حول هذا النزوع الإجرامي الفظ الذي زاد من بؤس تفسيره حرصهم على توثيق فعلتهم، في إهمال غريب وتجاهل لوازع وضابط الأهل والأسرة والمجتمع، ناهيك عن الوازع الديني الذي لو كان حاضراً من البداية لما جرى ما جرى.
إن ما جرى فعل يستوجب إنزال العقوبة المناسبة على الفاعلين والذين يجب أن يكون ضبطهم وإحضارهم مسؤولية المجتمع قبل السلطات، فصورهم واضحة كبيرة مكبرة في كثير من المواقع. والجميع شاهد وجوههم الضاحكة بملامح واضحة مما يؤكد بنسبة مئة بالمائة، أن هناك من تعرف عليهم ويعرفهم. والجريمة تتجاوز الآن حتى تقييم الانحراف السلوكي والأخلاقي الذي اقترفوه، إلى المجاهرة بالأمر وكأنهم يبصقون على الناس والحكومة. وكل عرف يضبط حتى المتفلت في نزوته ويلزمه بالتستر والاختفاء، واحترام الشارع في أدنى تجليات تقديراته، ولأن المشكلة الأعظم ستكون حينما يمر هذا الحدث ويركن فيه الجميع للتبرير، كما يقول بعض غريبي الأطوار والنظريات بأن ما جرى في تلك الواقعة، إنما هو كسب الحكومة وزراعة فكرها.
لست من أنصار ذاك الرأي، ليس مطلوباً من السلطة – أي سلطة – أن تربي لك ابنك وأخيك وبنتك. هذه مسؤولية الأسر في النطاق الأدنى من المجتمع، لا شبهة سياسية في مسلك مثل هذا وإلا لجوزنا كلنا فتح البارات واستيراد الداعرات، ووجدنا لكل صاحب ذنب وخطيئة مبرر أن أفعل فقد غفر المجتمع والدولة، لأن الظروف الاقتصادية ضاغطة ولأن الإصلاح لا يزال بطيئاً ولأن الجنوب انفصل ولأن ولأن ولأن ..!!
الجرس والإنذار الذي يجب أن يطلق يوجه الآن نحو المجتمع، أنا أنت، نحن، كلنا محاسبون بما جرى. وإن لم نصحح هذا الوضع فإن المشهد المقبل قد يكون فيه عزيز عليك أو عزيزة عليك، ولن ينفع حينها تجاهلنا الآن لأن ما جرى لأنه بمنطق جحا خارج بيتي، وأما المؤسف له كذلك – وكل جوانب هذه القصة أسف – سوء استخدام أجيالنا الصاعدة لثورة وسائط الاتصال ومجمعات مواقع التواصل. وصحيح أن هناك نابهين ومبادرين بالخيرات لكن هناك من يوظفون هذا التواصل والتشبيك الكبير بين الناس والمجموعات لنشر الفضائح والعار، ثم يصنع له البعض مشاجب للتبرير بزعم أن حكومة الإسلاميين أفسدت الشباب وضيعت أخلاق الناس لمجرد أن أسرة ما أهملت تربية ولدها.
الكرة كما قلت في ملعب المجتمع للإرشاد على هؤلاء ليكونوا عظة لغيرهم، وكذلك فالأمر متروك ليد الشرطة والتي عليها ربما للمرة المائة بعد المليون، القيام بواجب التربية والإرشاد والزجر بالسلطان بعد أن تراجع سلطات البيوت.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية