أخبار

في رفقة وزير

} يومان.. امتد الليل حتى الليل الآخر.. ونحن في رفقة وزير الصناعة المهندس “السميح الصديق النور” وسط أجواء مفعمة بالشكوك والخوف والهلع في أوساط العاملين في مصانع السكر الحكومية التي تملكها شركة السكر السودانية، بعد أن تنامى للعاملين النبأ المفزع عن بيع تلك المصانع الحكومية لمستثمر جزائري هبط إلى بلادنا في هجعة الليل تتقدمه جحافل من السماسرة والوسطاء الذين تسللوا لغرف السياسيين وصناع القرار.. حتى بات القرار المفجع قريباً من أن يصبح واقعاً.. لتهب عاصفة التغييرات الأخيرة وينجح الوزير الجديد في إيقاف تدحرج كرة بيع المصانع بعد أن أضاء الرئيس “عمر البشير” إشارة حمراء ترفض مبدأ البيع، ووجدت الخطوة ارتياحاً بالغاً في أوساط العاملين الذين هتفوا للوزير..
} إرهاصات البيع والشائعات رافقتها احتجاجات كبيرة من العمال والموظفين في المصانع الحكومية، وكشفت جولة الوزير والاجتماعات التي عقدها بالعاملينعن نقص حاد في المهندسين خاصة في مصنعي عسلاية وسنار، بينما تفيض حاجة مصانع كنانة والنيل الأبيض بالمهندسين والكفاءات بسبب مفارقات الأجور والامتيازات.
} الوزير “السميح” رفض نسب مراجعة قرار بيع المصانع لحزبه المؤتمر الوطني ولحكومته، وقال إن دوره كوزير لم يتعدَّ الإعلان فقط عن القرار الذي اتخذته الدولة مؤقتاً ريثما يرتقي إنتاج المصانع للطاقة التصميمية لتلك المصانع التي تنتج أقل بكثير من طاقتها التصميمية بسبب تراكم حزمة من المشكلات كقطع الغيار والإسبيرات، وذلك لأسباب سياسية لها ارتباط بالمقاطعة الاقتصادية وسوء علاقات السودان بعدد من البلدان..
} واقع صناعة السكر في السودان باستثناء مصنع سكر كنانة تواجه مستقبلاً مظلماً، فالمصانع الحكومية تبدو متهالكة جداً وعمرها الافتراضي بات متناقصاً وتشكو المصانع بشدة من نقص مدخلات الصناعة وتواجه المصانع خاصة سكر عسلاية نقصاً شديداً في الأيدي العاملة حيث تستقطب الشركات الكبيرة كنانة والنيل الأبيض الكفاءات والعمال المدربة، كما اتجه عمال قطع القصب (كتاكو) إلى مناجم التنقيب عن الذهب والمعادن.. وأثر آخر هو انفصال جنوب السودان.. وباتت هذه المصانع تشكو بشدة من قلة الأيدي العاملة حيث لا يزال مصنع مثل عسلاية يعتمد على العمالة اليدوية بينما تعتمد مصانع كنانة والنيل الأبيض على الحصاد الآلي..
} الزيارة رغم رهقها والاجتماعات التي تمتد لساعات طويلة إلا أن المعلومات التي أتاحتها للرأي العام سيتابعها القارئ لصحيفة (المجهر) في مقبل الأيام، وهي معلومات مهمة جداً عن مستقبل صناعة السكر في السودان التي تتخذ من ولايتي النيل الأبيض وسنار مقراً لها، وقد ذهبت نصف أراضي بحر أبيض لمصانع السكر دون أن تنال الولايتان ولا حتى (2%) من عائدات تلك المصانع.. ومن المفارقات أن والي النيل الأبيض بدا راضياً بهذا الواقع معتبراً أن أراضي ولايته لخدمة السودان وصناعة السكر ولا يطالب بأفضلية تخصيص موارد من عائدات تلك المصانع مقابل الأرض لولايته.. بينما بدا السيد “أحمد عباس” والي سنار رافضاً للواقع الراهن ومطالباً بتغيير المعادلة وتخصيص جزء من عائدات تلك المصانع للولاية التي تملك الأرض.
} صناعة السكر في السودان ملف عميق وخطير جداً.. فهل مصنع مثل سكر النيل الأبيض تم اختيار الأرض التي قام عليها المشروع وفق دراسات علمية واجتماعية أم طغى القرار السياسي على الفني؟! ذلك ما نعود إليه في مقبل الأيام.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية