الرشق بالبيض..!!
تعلمت من السنوات الماضية وسوابق ما شهدت، أن أكون في الليلة الأخيرة في العام الميلادي ومطلع العام الجديد ثاوياً في بيتي وبين أهلي، اكتفي من الدنيا بثرثرات الفضائيات ومتابعة التلفاز والنوم آمناً في سربي، فهذا أفضل من التعرض للرشق بالبيض والمياه الباردة والقذف بقوارير المياه، وربما الاضطرار إلى خوض مشاجرة، هذا خلاف جملة مظاهر سالبة أخرى، فضلاً عن سوء حركة السير بقدر تصل معه بيتك مع ساعات الفجر الأولى!
في العام الماضي التقمت بيضة أظنها لدجاجة مستوردة لكبرها وملمسها الخشن وطعمها الكيميائي، رجمنا بها شاب ضمن آخرين، وأُتبع الأمر بصياح صبي بشكل هستيري علينا وقد طلى وجهه بصفار البيض مع شعلة ألعاب نارية (كضبت) تحت أقدامنا، واكتملت المعاناة بعبوري كوبري الحرية ومنطقة السكة الحديد فيما يقارب الثلاث ساعات من فرط ازدحام الناس والسيارات حتى أني ظننت أن (الفاتيكان) نقلت إلى حي السجانة!
لست مغالياً، بل أؤمن أنه من حق من أراد الاحتفال برأس السنة أو عيد الاستقلال فعل ذلك في حدود حرية لا تؤثر على سلام الآخرين، وهذا هو الوضع الطبيعي الذي يجعل الأعياد فسحة للجميع وسانحة ترويح للأسر والزملاء في مكان العمل وعموم المواطنين، وهذا ما أرجوه لاحتفالات مساء اليوم، إذ أرجو ألا تشهد خروجاً عن اللباقة العامة وتهييجاً للأمن العام ببعض الحركات الصبيانية وممارسات مستجلبة، حولت مثل هذه الليالي إلى وضعية تتعامل معها السلطات في العادة بتوتر عظيم إلى أن تشرق شمس اليوم التالي بسلام.
يمكن بقليل وعي أن تكون مثل هذه الساعات عامرة بالبرامج المفيدة والمبادرات التي تجعل من المناسبة حدثاً ينتظره الناس بفارغ الصبر، وأعتقد أن شباب هذه البلاد خلاق ومبادر ويمتلك مساحات لتقديم نماذج من الأفكار والمقترحات والأعمال التي تحول رأس السنة من حالة الهاجس الأمني والمهدد الاجتماعي إلى لحظة سلام تتسق ومعاني المناسبة في بعدها الأول المتعلق بميلاد المسيح، أو بعدها الآخر المتزامن وأعياد استقلال البلاد من المستعمر وعودتها إلى أيدي مواطنيها.
إن غابت المعاني الإيجابية عن حشود المحتفلين، فأعتقد أن الدور الأكبر والأهم سيقع في التصويب والتوجيه على عاتق أولياء الأمور، الذين يتحتم عليهم لعب دور المرشد والرقيب الأول السابق للسلطات الولائية والمحلية، فالسلطات مهما قويت لوائحها ونشطت عناصرها لن تغطي الدور المطلوب، ويبقى دورها منحصراً في جوانب وقائية أو تحوطية أو في رقابة ميدانية إلى زوال، ولكن العنصر الأهم سيكون دور الأسر في تصويب الأبناء ومنعهم من التجاوز، ويتسق هذا مع دور ضمير المجتمع بأسره أو جمهور الحاضرين في زجر المتفلت وردع المجاهر بالسوء سلوكاً وقولاً، فإن تم كل هذا ضمن الجميع ليلة مريحة وسعيدة ولحظات فرح ومرح لا يتضرر منه أحد ومواطن.
وكل عام والجميع بخير