أخبار

انهيار وساطة!!

} فشلت الوساطة الأفريقية التي تقودها دول (الإيقاد) في حمل طرفي النزاع الدامي في جنوب السودان على التوجه اليوم للعاصمة الإثيوبية “أديس أبابا” وبدء مباحثات لإنهاء حمامات الدم التي فتحتها النخب الحاكمة في “جوبا” في صراعها العقيم على السلطة.. وتعددت أسباب فشل الوساطة من تغييب جهود عناصر أساسية مثل يوغندا وإريتريا، ومنح السودان دوراً هامشياً واستئثار إثيوبيا وكينيا لوحدهما بدور الوسيط نيابة عن دول (الإيقاد).. والتواطؤ الغربي ممثلاً في الولايات المتحدة الأمريكية والنرويج مع طرف، والضغط الشديد على الحكومة وحملها على تقديم تنازلات كبيرة وإطلاق سراح المتهمين بالمحاولة الانقلابية وفتح المعتقلات والتفاوض مع المعتقلين في أبشع انتهاك لسيادة دولة حديثة عهد بالاستقلال ورئيس لا خبرة تعينه على التعامل مع أزمة داخلية ذات أبعاد خارجية!!
} لتلك الأسباب مجتمعة وبعد أن شعر الرئيس “سلفاكير” بأن إطلاقه سراح جميع المعتقلين البالغ عددهم أحد عشر من (فرقائه) وتنصيب أحدهم رئيساً للوفد المفاوض بمثابة تبرئة لذمة الانقلابيين، وستفقده الخطوة أهم أوراق الضغط التي بيده من غير ضمانات حقيقية تجعل من المفاوضات طريقاً لعودة الصفاء مع رفاق الأمس.. تمسك “سلفاكير” بالإبقاء على “دينق ألور” و”باقان أموم” وكوستا مانيبي” رهن الاعتقال.. في وقت لم يقدم فيه الطرف الآخر د.”رياك مشار” أية تنازلات، ومضى في الإعداد لهجوم على بلدة “بور” مستعيناً (بالجيش الأبيض) الذي يمثل مليشيات (الكجور) (وريانق)، والنوير لا يزالون من عبدة (الكجرة)، ولم تتوغل الكنيسة (المسيسة) والكنيسة الربانية في أوساط مجتمعات النوير البدائية.. واعتبر “مشار” آبار البترول سلاحاً أقرب إليه يستخدمه في وجه “سلفاكير” وشركات النفط الماليزية والصينية وللضغط على السودان المستفيد هو الآخر من عائدات البترول.. وأمس استعرت حمى العمليات في ولاية الوحدة.. وتمزقت “ملكال” ما بين شمال تسيطر عليه قوات “مشار” وجنوب تحت قبضة الحكومة.. ودفعت الحكومة الجنوبية بقواتها شمالاً لدرء خطر د.”مشار” الذي ترددت أنباء عن حشده لقوات في مناطق “منقلا” و”سودان سفاري” على بحر الجبل شمال مدينة “جوبا” للهجوم على العاصمة ومحاولة اقتلاع السلطة عنوة من أنياب الفريق “سلفاكير” الذي وجه ضربات موجعة للمتمردين على سلطته. وقد وجه وزير دفاعه “فليب أقوير” بالقضاء على التمرد والقبض على “مشار” قريباً جداً إذا لم يخرج من دولة جنوب السودان..
} هذه التطورات المفزعة وخيبة الأمل في المبادرة التي فشلت حتى الآن في حمل الأطراف على التفاوض، تفتح الباب لتدخل دولة جنوب السودان (لجهنم) حرب قد تهدد بزوال المكاسب التي تحققت في السنوات الماضية.. صحيح أن السودان نأى بنفسه عن ما يجري في دولة كانت جزءاً منه، ولم تفتح الأحداث شهية جهة في السودان لمجرد المطالبة بالتدخل، ولكن الرهان على البندقية وحدها لحسم النزاع في جوبا من شأنه وضع الدولة برمتها تحت الوصاية الدولية وانتقاص سيادتها وفرض حلول على قادتها بعد أن دفع مجلس الأمن حتى الآن بعدد (12) ألف عنصر لحفظ الأمن تحت الفصل السابع، فهل يفقد جنوب السودان استقلاله ببؤس فكر قادته وتشظيهم لمليشيات وقبائل؟!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية