أخبار

العصا والجزرة..!

لو نظر البشر إلى “الخيارات” على أنها جمع “خيار” الذي يقع في قائمة الخضروات، هل سيكتشفون بأن “الخيارات” أصبحت كثيرة وليست محدودة مثلما هو الحال حين تكون “الخيارات” بمعنى المسارات والاختيارات والبدائل؟! “عادل إمام” استطاع “بخياره” في مسرحية “شاهد ما شافش حاجة” أن يكسب “مؤقتاً” ود من كانوا يريدون القبض عليه وعلى أنفاسه، وذلك بعد أن وجدهم يحتلون بيته ويسيطرون على كل منافذه “الآمنة” فلم يكن أمامه سوى اتباع سياسة “سلم تسلم” والتي بدورها لم تشفع له، فلم يجد أمامه سوى تقديم كل “الخيار” الذي كان يحمله بين يديه وبدون أي مقابل.. حتى عودة البيت إلى صاحبه مقابل القبول بمبدأ الاستسلام! رغم هذه “التنازلات” الكبيرة إلا أن “الجماعة” لم يرضهم “خيار” “عادل إمام” أو “سرحان عبد البصير” فاجتهد في “إغرائهم” بالخيارات العديدة التي يمكن أن يحصلوا عليها من “الخيار”.. حدثهم عن إمكانية أن “يخللوه” أي تخليله، وإمكانية أن “يحشوه” أي حشوه.. وأقسم لهم أنه يقدم كل هذا “الخيار” عن كامل القبول والرضا، وأنه أصلاً لا يحب “الخيار” بل أتى به لمجرد تعليقه على “النجفة” والاكتفاء بالنظر إليه من على البعد!! لم تكن تلك هي المرة الأولى التي يواجه فيها “سرحان عبد البصير” “امتحانات” عسيرة، فقد سبق وأن “أخذوا كل عدته” مع العلم بأنه كما أكد لا يملك “تليفون” كما سبق وأن جعلوه “شاهداً” بالقوة، رغم أنه لم يشاهد شيئاً على الإطلاق!! ربما كانت مشكلة “سرحان عبد البصير” الوحيدة أنه كان يثق أكثر مما ينبغي في “الآخر” ويؤمن بأن الحياة تحتمل درجات متفاوتة من الألوان ليس بالضرورة أن تقتصر على “الأسود” أو “الأبيض” وهو درس حتى ولو تعلمه يصعب تطبيقه على “الواقع” لأنه سيجد أن الحياة “رمادية” إلى حد يستعصي معه الإمساك بمنتصف العصا وتحديداً من “المنطقة الرمادية” المليئة بالأقنعة وخلط الألوان والأوراق والموازين إلى حد الإبهام والالتباس!! “خيار” “سرحان عبد البصير” لم يملأ عين من يلاحقونه ولم يوقف كتمهم لأنفاسه، فأصبح مثله مثل “خيارات” المفاوضات والجولات السياسية التي تنتهي دائماً إلى طريق مسدود، وتصل إلى نفق مظلم لا لشيء، إلا لأن أطرافها غير “متكافئة” أحدها يفاوض بضعف والآخر يفاوض بقوة.. الأول يتنازل عن كل “الخيارات” التي يملكها، والثاني لا يريد تقديم أي شيء مقابل كل هذه التنازلات.. فضاع “خيار” سرحان و”ضاعت” خيارات “التفاوض” والبطون الكبيرة تتسع لابتلاع كل “خيار” ولا تشبع!! وهكذا ظل القطب الأمريكي الأوحد يقطع الطريق أمام كل الخيارات السياسية التي يمكن أن تحول دون أن يقبض “شرطي العالم الأوحد” على أنفاس الدول المغلوب على أمرها فكانت ضربة العراق، وستأتي الضربات الموجعة الأخرى للقائمة المعدة سلفاً في ذهنية “الكابوي الأمريكي” الذي لا يحب “خيار” “سرحان عبد البصير” ولا يجيد إلا سياسة “العصا” فقط بعد أن استكثر “الجزرة” التي هي المعادل الموضوعي لخيار “سرحان عبد البصير” رغم اللهاث المحموم من الدول المستضعفة باتجاه “الجزر الأمريكي” وصيامها عن تناول “الخيار” المحلي الصنع والقليل التكلفة..!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية