شهادتي لله

(شماعة أمريكا)..العجز عن صناعة البدائل

} ظلت قيادات في الحكومة، وهيئة الطيران المدني، وشركة الخطوط الجوية السودانية (سودانير) تردد على مسامعنا طوال السنوات الماضية أسطوانة مشروخة مفادها أن العقوبات الأمريكية على السودان هي السبب الأساسي في إعاقة تطور (سودانير) وتوقف طائراتها في الورش لعدم توفر قطع الغيار (الأمريكية)!!
} لكن هذه العقوبات الأمريكية لم تمنع الدولة من تنفيذ أكبر مشروع اقتصادي شهده السودان خلال العقدين الأخيرين، وهو مشروع إنتاج وتصدير النفط في السودان.
} سياسة البحث عن (بدائل) والتعامل مع خيارات أخرى في سوق صناعة الطيران، كان وما يزال هو المخرج الكبير من عنق أزمة ناقلنا الوطني، وبمثل ما تجاوزت وزارة الطاقة في تسعينيات القرن المنصرم الخيار الراجح في صناعة النفط بالعالم الذي يعتمد على الخبرات والتقنية (الأوروبية) و(الأمريكية) المشهورة في هذا المجال بكل تعقيداته وتدخلات السياسة والمخابرات فيه، فاتجهت ناحية “الصين” و”ماليزيا” و”الهند” وشركات (خليجية) لتكون بديلاً لتاريخ ونفوذ وسمعة “شيفرون” الأمريكية و(توتال) الفرنسية ومؤسسات أخرى “بريطانية” و”كندية” انسحبت من المشروع، كان بالإمكان أن تتجه الإدارة المسؤولة عن خدمة الطيران في بلادنا، ناحية دول وشركات لا تقاطع السودان، ولا شأن لها بالعقوبات الأمريكية، علماً بأن الحصول على عروض مختلفة أسهل في مجال الطيران منه في مجال النفط.
} ظللت أؤمن بهذه الفكرة وأكتب عنها وحولها، لسنوات، ولكن ما دعاني اليوم لتجديد الطرق على باب المسؤولين عن قطاع الطيران في بلادنا، هو خبر شراء شركة طيران الإمارات الأسبوع الماضي لـ(خمسين) طائرة (إيرباص) جديدة من طراز (إيه 380) بقيمة (ثلاثين مليار دولار)!! فضلاً عن (مائة وخمسين) طائرة جديدة من طراز (بوينج x777) الأمريكية بقيمة (ستة وسبعين مليار دولار)!! أكرر (مليار) دولار وليس (مليون)!! وبرضو تقول لي (رفع الدعم عن المحروقات)، وقانون اعتماد مالي لضريبة الاتصالات!! وماشين “قطر” وجايين من “قطر” وطالعين كل يوم “الصين” لدرجة أن الوفود السودانية من المركز والولايات تزور “بكين” أكثر من “بورتسودان” و”مدني”!!
} شركة طيران “الإمارات” التي تمتلك أسهمها بالكامل حكومة إمارة “دبي”، اشترت طائرات قبل أيام قيمتها (100) مليار دولار (مائة مليار دولار)، علماً بأن أعلى إنتاج للنفط في “دبي” بلغ (400 ألف برميل) في اليوم، أربعمائة ألف برميل.. وهذا يعني أنه (أقل) من إنتاج (السودان) قبل انفصال (الجنوب) حيث بلغ إنتاجنا (خمسمائة ألف برميل) في اليوم، لكننا أهدرناها في إنشاء الولايات وإقامة المؤتمرات، والسفريات و(الفارغة) و(المقدودة)!!
} كم عدد الطائرات (الأمريكية) التي تملكها (سودانير) أصلاً؟! (ثلاث) طائرات أو (أربع).. لا أكثر!! إذن علام كل هذه الضجة والجلبة.. (الأمريكان هم السبب.. الأمريكان منعوا عنا قطع الغيار)!!
} الآن توجد في الخرطوم مطابع تطبع الصحف – صناعة (أمريكية) – ولا تستطيع أمريكا أن تمنع عنها قطع الغيار، لأن (السوق الأسود) في “الصين” و”الخليج” يمكنه أن يمدك بتلك (الإسبيرات) بأقل جهد، وأدنى من الأسعار الأمريكية.
} ثم لماذا لم تعقد (سودانير) صفقات مع الشركة (الأوربية) الأعظم في صناعة الطيران ومقرها “تولوز” في “فرنسا” (إيرباص)؟! هل تقاطعنا أوربا أيضاً.. ولماذا إذن يستثمر (الفرنسيون) في مناجمنا لتعدين الذهب.. ولماذا لا نقايضهم ذهباً بطائرات؟!
} حاكم “دبي” الشيخ “محمد بن راشد” يوضح في كتابه (رؤيتي) أسباب تطور “دبي” على غيرها من مدن ودول العالم (العربي)، ويؤكد أن (الإدارة) هي العامل الأساسي في النجاح، وليس (المال).
} يقول “محمد بن راشد”: (كان التفكير في نضوب النفط يمثل مصدر قلق لنا، لكن هذا القلق تلاشى، لأننا حققنا نجاحاً لافتاً في تنشيط التجارة وصنع البدائل وتحريك الاقتصاد، وصنع الفرص الجديدة بإتقان للتنقيب عن ثروة لا تعرف النضوب.. إنه التنقيب في العقول)!!
} (نصف) طائرات (الإماراتية) أوربية، وليست (أمريكية).. بينما ما يزال هؤلاء يندبون حظوظهم في الخرطوم ويعلقون فشلهم على (شماعة أمريكا)!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية