حسناوات التجديف يروضن عنفوان النيل!
لا بد أن ينتابك شيء من الدهشة والفضول وأنت تعبر شارع النيل بالخرطوم أمام مبنى (قاعة الصداقة) عندما تقع عيناك على فتيات في عمر الزهور وهن يتجولن هناك ليس سيراً على الأقدام بل في وسط النيل، وتزداد دهشة وأنت تشاهدهن يروضن عنفوان أمواج النيل عبر قواربهن الصغيرة بمساعدة مجاديف خشبية رقيقة، لكن قد تزول عنك الدهشة فور تأكدك من أن التجديف في عمق النيل هو رياضتهن المفضلة.
والتجديف رياضة الذي يشرف عليها الاتحاد السوداني للتجديف عبر (نادي الخرطوم)، (المجهر) أرادت أن تزيل الكثير من الأسئلة العالقة في أذهان المارة وجلست إلى فتيات التجديف لمعرفة ماذا وراءهن وما الذي جذبهن لهذه الرياضة القاسية والمخيفة بالنسبة للكثيرين؟
التقت الصحيفة في البداية بالطبيبة الصيدلانية “آمنة إبراهيم” واللاعبة بالمنتخب القومي التي أشارت إلى أنها بدأت كلاعبة للتنس وانتمت إلى (نادي الشرطة) في صغرها، وقالت: لكن جذبتني الرياضات المائية بعد ذلك وخاصة التجديف الذي وصفته بالرياضة الأفضل من حيث أنه يساهم في تحريك جميع أجزاء جسم الإنسان ويحتاج إلى مجهود بدني وذهني كبير بذلك تتحقق الفائدة المرجوة من الرياضة، وأضافت أحس بفرح كبير وأنا أتوسط الماء وحولي الهواء النقي من كل جانب، لذلك لا يحس من يمارس هذه الرياضة بالملل، وردت على سؤالنا حول تعارض الرياضة مع مهنة الصيدلة، بأن حبها لرياضتها المفضلة يدفعها لتخصيص الوقت اللازم لها، حيث تقسم وقتها صباحاً في العمل ومساءً في النادي، وقالت: التجديف علمني الصبر والتركيز وشدة التحمل مما يساعدني في القيام بعملي على أكمل وجه، وعبرت عن رغبتها في تطوير مستواها عبر عدد من الكورسات التأهيلية داخلياً وخارجياً.
“آلاء طلعت”
بينما كشفت “آلاء طلعت” عن أن ما قادها إلى رياضة التجديف أنها كانت تعاني من أزمة نفسية وقتها لذلك انضمت للنادي، وقالت: كان لهذه الرياضة الفضل الكبير في عودة توازني النفسي والبدني، وأشارت إلى أنها كانت تمارس السباحة منذ الصغر مما ساعدها على التعلم بسرعة، وأبانت أن السباحة والتجديف لا ينفصلان عن بعضهما بل من الشروط أن تكون سباحاً ماهراً، كما أشارت إلى أن حبها للبقاء داخل الماء أطول وقت يجعلها لا تحس بالملل، وبدورها دعت الجميع لممارسة الرياضة، وقالت إنها مفيدة جداً لتوازن الإنسان وتساعده على التخلص من همومه ومشاكله وتجعله يعود إلى العمل والدراسة صباحاً بروح جديدة.
مهارة أخرى
كما رصدت الصحيفة إجادة المجدفة “آلاء” للطبخ حيث تتولى مهمة إعداد الطعام للمجموعة أحياناً بالنادي.
“أم كلثوم عابدين”
من جانبها تحدثت “أم كلثوم” مدرب منتخب البنات عن بدايتها عبر الكشافة البحرية منذ الصغر وهو ما أكسبها خبرة ساعدتها في التميز في رياضة التجديف التي بدأتها قبل أربع سنوات حتى أصبحت مدربة للبنات بالنادي، وقالت: شاركت في عدد من المشاركات الخارجية حيث أحرزت الميدالية البرونزية في البطولة العربية بالقاهرة 2009م، وشاركت في عدد من البطولات القومية داخلياً وتراوحت انجازاتي بين الفضية والبرونزية، وأضافت: وحالياً أسعى للحصول على عدد من الشهادات الدولية لدعم خبرتي في التدريب ولأتمكن من الارتقاء بمستوى اللاعبات، وذلك لا يتأتى إلا عبر مزيد من الاجتهاد، وقالت: أشرفت على كثير من الدورات في التجديف والكشافة البحرية.
“زينب عبد الفتاح”
وبدورها عبرت “زينب عبد الفتاح” عن سعادتها باختيارها لرياضة التجديف، وقالت: بدأ ارتباطي بها وأنا أراقب القوارب أثناء مروري بشارع النيل وبعدها أصررت على الانتماء للنادي، وأضافت: أبدأ يومي بممارسة الرياضة قبل الذهاب إلى عملي في الصباح الباكر، حيث أصل في السادسة صباحاً وأبقى داخل النيل حتى الثامنة وبعدها ألحق بدوام العمل، وأوضحت تكون هذه أجمل بداية ليومي وتساعدني على العمل بذهن متفتح، ودعت جميع السيدات إلى الاهتمام بالرياضة وممارستها بصورة دائمة.
رئيس الاتحاد
ولمعرفة المزيد التقت (المجهر) برئيس الاتحاد العام للتجديف “عبد الرحيم حمد” الذي أكد حرص الاتحاد على وجود العنصر النسائي ضمن الممارسين، مبيناً أن فرصتهن أكبر للتطور والارتقاء بالمنشط، وأشار إلى اهتمامهم بتنظيم عدد من الكورسات التأهيلية للسيدات عبر لجنة التجديف النسائي بالاتحاد الدولي، وقال: تجمعنا علاقات متميزة بالاتحاد الدولي الذي يوفر كل المعينات خاصة للسيدات، وكشف عن علاقة متميزة بين اللاعبات والفنلندية “كاترينا” نائب رئيس الاتحاد الدولي، وأوضح في البداية كانت هذه الرياضة مكلفة لا تمارسها إلا طبقة معينة، ولكن الآن أصبحت في متناول الجميع حيث أصبحت القوارب ملكاً للاتحاد الذي بدوره يوزعها على الأندية بالتساوي مما ساهم في انتماء الكثيرين للنادي عبر رسوم رمزية مقارنة بالماضي، حيث يبلغ سعر القارب الواحد ثلاث آلاف دولار، استطاع الاتحاد توفيرها عبر الاتحادات القارية، ولمحنا في عينيه نظرة عتاب للبنات كان سببها أنهن يتركن الرياضة بعد الزواج ويبررن ذلك بالمسؤوليات ودعاهن لتغيير هذه النظرة والاستمرار.