أخبار

الغاز.. انفجار مرتقب!!

بعد أن انجلت معركة (الخبز) وإن لم يكن بشكل نهائي، فإني أتوقع أن يكون حدث الأسبوع المقبل هو (الغاز)، وأن يصعد (الوكلاء) إلى واجهة الأحداث، فهم الآن يهددون بالتوقف عن البيع عما سموه بالخسارة، وستقوم اللجان وتنعقد ثم تتفرع وتخلص إلى تسوية ما فيها معالجة تقر بالزيادة، ولكن بمرادف لغوي أقل إثارة للحساسية وبعدها بيومين أو ثلاثة سيتفجر الموقف مع سائقي النقل العام.. وهكذا ستكون كل أزمة تلد أخرى لأن الجميع بات بعد رفع الدعم باحثاً عن مكسبه ونصيبه، وليس وزير المالية “علي محمود” وحده!
الغريب في أزمات البلاد الأخيرة تركزها في ولاية الخرطوم، فمن أحداث سبتمبر إلى أزمة المواصلات إلى قضية رغيف الخبز إلى الغاز، كل المصائب باتت جغرافياً تؤرق منام الدكتور “عبد الرحمن الخضر” رغم أن ولايات أخرى أقل مكانة وإمكانيات من العاصمة كانت بمنأى عن هذا، ففي أحداث الشغب الأخيرة كانت بقية المدن من نيالا إلى كسلا مروراً بسنار والدلنج تتابع مجريات الأحداث مثلها مثل أهل الدوحة والقاهرة وسيدني! وقد بدا لي هذا غريباً بعض الشيء فقديماً كان المتعارف عليه أن سكان العاصمة هم أقل الناس شقاء وبلاء بأي مصاب وشح في الخدمات والثمرات، فما بالهم اليوم الأقل نمواً واستقراراً؟!
والرأي عندي أنه، وحتى لا يتكرر جدل (الغرامات) وعدد الأرغفة و(بتغطي وما بتغطي)، فعلى سلطات ولاية الخرطوم إدارة شأنها في القياس والتضريب بصورة أكثر واقعية، كما أن على الوالي البحث عن نوافذ وآليات أخرى يتجاوز بها تقارير بعض مساعديه في شأن أن كل الأوضاع تحت السيطرة و(كلو تمام)، فأزمة الخبز التي هزت صورة الولاية سبقتها إرهاصات وجدل مطول، والآن ذات الأمر يحدث مع وكلاء الغاز، وسترون أن الجميع لن ينتبه حتى يأتي اليوم الذي يكون الحصول فيه على أنبوبة غاز عيداً لأولنا وآخرنا.. فلماذا لا يتم الجلوس مع الشركات والوكلاء وقياس التكلفة والخروج بتسوية تراعي المواطن بالطبع، فيكسب التجار وتهدأ أحوال الحكومة ولا يعاني المواطنون، وقبل هذا قطع الطريق من كل الأطراف على مافيا عريضة تستفيد من كل أزمة فتطيل أمدها لتحقيق مكاسب كبيرة، من إخفاء السلع والدفع بها إلى السوق الأسود الذي يكبر في مثل هذه الظروف.
بعض القرارات التحوطية تتطلب قدرة أولية على تحسس موقع الحدث والتحسب لاتجاهات الريح، ففي تقديري أن بعض ملامح أزمة هذه البلاد أن الخيارات والحلول تطرح بعد أن تقع الفأس في الرأس، ورغم أنها تكون حاضرة منذ البداية، لكنها تأتى متأخرة وبلا تعديل يذكر، أو بمعنى أكثر وضوحاً، أن ما يتجادل حوله الناس يعودون إليه، وقد حدث هذا مع قرارات رفع الدعم نفسها التي أشير بها منذ تسع أو سبع سنوات واضطررنا لها (كسر رقبة) الآن، وعليه فإن أزمة الغاز المتوقعة حلولها منذ الآن حاضرة وسيتركونها ثم يعودون إليها بعد تحولها إلى مهدد للأمن العام!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية