الرغيف (الدايت)..!!
} بدا لي واضحاً منذ البداية أن أزمة (الخبز) الأخيرة كانت (مفتعلة)، والهدف منها الوصول إلى تسوية مع الحكومة، لزيادة سعر (الرغيفة) أو تخفيض وزنها، ولا فرق بين هذا وذاك، لأن تخفيض الوزن يعني رفع السعر بالضرورة، وليس كما يحاول إيهامنا أحد مسؤولي ولاية الخرطوم.
} فإذا كانت مشكلة شركات مطاحن الدقيق هي عدم توفير كميات (النقد الأجنبي) بالسعر المدعوم للدولار من بنك السودان، وهو حوالي (نصف) سعر الدولار (الرسمي) لدى البنوك التجارية، وأقل من نصف سعر السوق الموازية، فأن توفير النقد الأجنبي لا علاقة له بزيادة سعر الدقيق لأن (المطاحن) لا تستورد القمح بدولار السوق (السوداء) كما تفعل (بعض) شركات الأدوية، والغالبية العظمى لشركات الاستيراد لجميع السلع الضرورية والكمالية.
} إدارات (المطاحن) و(المخابز) تريد أن تحمل المواطن فاتورة (رفع الدعم) عن المحروقات، بينما تستمتع هي – وحدها – بـ(دعم) القمح المستورد!! منتهى (الشطارة) والفلاحة.. والخاسر الأول والوحيد هو المواطن وليس حكومة السودان، ولا حكومة ولاية الخرطوم التي غالباً ما تتوافق مع هؤلاء (التجار) وتعتمد أسعارهم وأوزانهم!! مع أن هناك وزارة بولاية الخرطوم باسم الاقتصاد و(شؤون المستهلك)!!
} إذن من يمثل المواطن المسكين في اجتماعات حكومة الولاية مع اتحاد المخابز وشركات المطاحن؟! المفروض أن (المجلس التشريعي) لولاية الخرطوم الذي يرأسه السيد “محمد الشيخ مدني” رئيس اتحاد كرة القدم (سابقاً) هو المسؤول بنوابه (المنتخبين) من الشعب عن تمثيل المواطن والدفاع عنه في هجمة (المطاحن) و(المخابز)، ولكن لا حياة لمن تنادي!!
} الأغرب أن نطالع تصريحات لقيادات البرلمان (الاتحادي) تعبر عن اهتمامها بمشكلة الخبز في ولاية الخرطوم، بينما لا يتحرك (المجلس التشريعي) الولائي تحركاً حقيقياً وملموساً منعاً لتنفيذ أجندات (التجار) على حساب المواطن.
} فقبل أن تنفذ الحكومة قرار زيادة أسعار المحروقات، خرج اتحاد المخابز علينا مؤكداً أن أسعار الخبز لن تكون مناسبة في حالة رفع أسعار المحروقات.
} وقد يكون اتحاد المخابز محقاً، فالجازولين والغاز يستخدمان في عملية إنتاج الخبز، فضلاً عن الترحيل، وارتفاع تكلفة العمالة في ظل غلاء الأسعار الفاحش في كل السلع.
} ولكن وزير المالية (الاتحادي) وحكومة الولاية ظلا يؤكدان أن (لا) زيادة في أسعار الخبز!!
} وعندما تصبح (3) رغيفات وزن (80) جراماً بجنيه واحد، وبالتأكيد لا ضابط ولا رابط ولا مراقب، فقد تنزل الأوزان في بعض المخابز إلى (50) جراماً، فهذا يعني زيادة سعر الخبز.
} المؤسف أن الحكومة صارت في كثير من قراراتها ومعالجاتها أقرب لـ(حكومة تجار) تبحث عبر (مجموعات الضغط) والتدخلات عن مصالح (أصحاب البزنس) على حساب عامة (الغبش) من أهل السودان، مع أنها تتحدث عن حزمة معالجات اجتماعية لعشرات الآلاف من الأسر (150 جنيهاً للأسرة)!! كم يوماً يكفي هذا المبلغ لشراء خبز بعشرة جنيهات من هذا الرغيف (الدايت)؟!!
} كان الله في عون هذا الشعب.
} جمعة مباركة.