أخبار

نص مغلق!!

بعد أن أنهى قصته الأخيرة وأطفأ المصباح الذي يختلس منه أضواء الكتابة.. عاد متعباً إلى فراشه ونام.. فجأة خرجت إحدى (شخصيات) القصة من بين الأوراق واتجهت صوب القاص النائم.. ترفع يدها إلى أعلى لتهوي بالخنجر المسموم على صدره.. لكن الشلل يصيبها.. تتوقف عن ممارسة القتل.. يد مجمدة في الهواء.. ويدور الحوار:
القاص: لماذا تريد قتلي.. وأنا الذي جعلتك شخصية البطل في قصتي.
الشخصية: من الذي أعطاك الحق كيما تضعني ضمن أوهامك وتخاويفك.. لماذا ترسمني كما يحلو لك.. إلى متى يستمر هذا العبث؟!.
القاص: لقد أوجدت منك بطلاً.. الجميع يعرفك الآن.. لو لم تكن شخصية في قصتي لما كنت شيئاً على الإطلاق.
الشخصية: دعني أختار حياتي ومصيري بالطريقة التي أريدها.. تدخلك الكثير يزعجني.
القاص: تدخلي لمصلحتك.. لقد جعلتك تحب البطلة وتتزوجها.
وضعك في القصة هو الأفضل بالنسبة للشخصيات الأخرى.
الشخصية: أصمت.. لن أعود إلى أوراقك.. سأهرب من قصتك.. أريد أن أعيش حراً بعيداً عن سجن خيالك المعتوه.
القاص: لن أدعك تهرب.. أنت ملك لي.. توقف.. (تفتح الشخصية النافذة وتهرب إلى الشارع).
أيها المتمرد على طقوس الكتابة..
أيها الخارج من بين الأوراق..
تريد دبح الذي أوجدك..
خرافة تمشي على الأرض..
حلم تخبأ في رزنامة الوقت..
جاء دورك كيما تستعيد القلم..
وتكتب بيديك البداية..
وتكتب بيديك النهاية..
جمع (القاص) الأصدقاء لمناقشة ما حدث ليلة البارحة.. ذلك الهجوم الغادر من بطل القصة التي أنهى كتابتها.. بعد أن خرج ليلاً يحمل خنجره المسموم.. أجمع الأصدقاء على أن ثمة مؤامرة تحدث بين شخصيات القصص التي يكتبونها.
اتفقوا على أن الأوضاع السيئة التي تعيشها هذه الشخصيات في القصص هي التي ربما حملتهم على التمرد والهرب.. شعور بالخوف ينتاب جميع الكتاب من أبطال قصصهم.. انفض اللقاء وكثير منهم قد عقد العزم على مقاطعة الكتابة تماشياً مع المثل القائل (الباب الذي يأتيك منه الريح سده وأستريح).. عدا هذا الذي كادت تزهق ليلة البارحة روحه.. هو مصمم على الاستمرار.. يريد أن يواجه المصير:
مناحة جديدة للبكاء
 تحتبس أنفاس اللحظة
 تعربد في فضاء الليل
 تقبض على روح الخرافة
 تناسل ذكريات الموت
 وترنو إلى شبح المستحيل
 تظاهر بالنوم.. العرق يتصبب منه.. تحول الفراش إلى بركة ماء.. إرتعاشة الحمى تحدث صريراً مرعباً.. فجأة تضاء الغرفة المظلمة.. يزيح غطاء الفراش من على وجهه.
يرى كل شخوص قصته وهم ينقضون عليه بضربة واحدة.. الدماء تملأ المكان وصرخة تعلو في الفضاء.. (الشخصيات) تفتح النافذة وتسارع بالهرب.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية