أخبار

زيادات "علي محمود"!

{ رغم يقيني أن الهجوم الذي يُشن على عدد من الوزراء يُعتبر ضريبة التواجد على المقعد التنفيذي، باعتبار أن معظمهم أدوات تنفيذ للمشروعات أو القرارات أو التوجيهات العليا، ولكن السيد “علي محمود” وزير المالية حالة خاصة ينبغي أن نعضد على النقد الموجه صوب سيادته؛ لأن الاستفزاز الذي ظل يمارسه طوال الفترة الفائتة منحنا إحساساً مختلفاً يتولد ويتمدد على رأس الساعة، وكأنَّ الرجل يقصد أن يجلب السخط له ولحكومته من خلال تصريحاته المشاترة.
{ رفضنا التوصيات الأخيرة التي طالبت برفع الدعم عن المحروقات إيماناً منا بأن الأوضاع لا تتحمل مزيداً من الضغوطات على المواطن، الذي بات يشكو لطوب الأرض من الضوائق التي يعيش فيها جراء الارتفاع الجنوني في الأسعار، وبما أن الإصلاحات الاقتصادية باتت أمراً واقعاً لابد لنا أن نتعايش مع الأوضاع الجديدة شريطة أن يمارس السيد الوزير الصمت النبيل.
{ صرح وزير المالية قبل عدة أيام موضحاً أن زيادة المرتبات لا بد أن يتم إجازتها من المجلس الوطني حتى لا يضطر سيادته أن يخصم المنح التي صرفت من القادم في المرتبات، في إشارة إلى لغة غير مستحبة شاملة للتهديد والوعيد.
{ الغريب في الموضوع أن البرلمان المفترى عليه لم يُجز الإصلاحات الاقتصادية التي فُرضت هكذا دون الرجوع لأي عضو من المبنى المتواجد عند مدخل كبري أم درمان، فهل “علي محمود” تذكر فجأة أن هناك مجلساً وطنياً منتخباً ينبغي أن تتم مشاورته في الزيادات الجديدة؟!
{ الطريقة التي يتعامل بها “علي محمود” مع المواطنين واحدة من الأسباب التي جعلتنا نطالب بأن يكون هناك ناطق رسمي باسم الدولة، على أن يصمت الوزير طالما أنه لا يجيد الطرح الإيجابي، ولا يعرف كيفية بناء الثقة بينه والمواطن الذي بات يكره اليوم الذي جاء فيه الرجل وزيراً للمالية.
{ وسؤال دار في ذهني كثيراً، ووقفت من خلاله طويلاً، إذ إن المتمعن يمارس الدهشة بشتَّى أنواعها، عندما يعلم أن حجم العجز في الموزانة قد بلغ (2,66) مليار دولار أمريكي؛ الأمر الذي يجعلنا نمارس الصبر على المفروض علينا برفع الدعم من المحروقات وغيرها، ولكن لا بد أن نستفسر عن الزيادات في المرتبات التي أعلن عنها مؤخراً، التي أضحت محوراً رئيسياً للجدل، إذ إن الشكل العام يبين أن وزارة المالية ترفع دعومات الدولة لسد العجز، وتعلن عن زيادات المرتبات في الاتجاه الآخر، إذن كيف سيكون الحل؟ وهل نحن نعيش في دوامة ساقية جحا، التي تدور في حلقة مفرغة أم أن لغة الاقتصاد قد تم تغييرها، ونحن نغط في نوم عميق.
{ لا بد للسيد الوزير أن يشرح للإعلام والمواطن في مؤتمر صحفي المعالجة التي تسير لسد العجز، والتأثير الذي يطرأ عليها إبان الزيادات المعلنة، وما تم بعد رفع الدعم عن المحروقات، ومن ثم البرامج التي وضعها لتلافي الأزمة لاحقاً، والمدة التي يمكن أن نتجاوز من خلالها المشكل على أن يرتب نفسه بشكل جيد ويبعد عن التهاتر والمصطلحات من شاكلة (البيتزا) وغيرها، حتى نتفهم الصيغة الاقتصادية المطروحة في الدولة لنتمكن من التحليل والتشريح والتمعن الإيجابي الذي يمكننا من توصيل الرسالة للمواطن بشكل مبسط.
{ إن كانت هناك ثورة فاعلموا أنها تشتعل جراء هذه التصريحات غير المنضبطة، التي مست المواطن أكثر من الزيادات التي أشعلت القلوب والسوق، لذلك أرجو أن يكون التغيير شاملاً في التشكيل المرتقب، على أن يقدم وجوهاً مقبولة تطيح بمعظم المتواجدين، وعلى رأسهم “علي محمود”.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية