عظماء العمائم!!
رئيس الجمهورية أمس وربما اليوم في (شمال كردفان) يفتتح مشروعات حصاد المياه وعدداً من المنشآت والخدمات ببوادي كردفان، واليوم وغداً تحتفل ولاية (نهر النيل) بفيوض إنتاجها من الذهب المستخلص بواسطة شركة سودانية وطنية، ونائب الرئيس يزف وزير المعادن “كمال عبد اللطيف” بشيراً لأهل المنطقة في (العبيدية) وما حولها، وفي شرق السودان تمضي (ولاية البحر الأحمر) إلى مزيد من الطفرة والتنمية والنهوض وتنتظر ولايات (كسلا) و(القضارف) إشراق أنوار أعمال الاعمار، والاتحاد الأوربي يرمي بثقله هناك، و(أوربا) لا تضع نقودها كيفما اتفق.
أما في (دارفور) فيا قلب لا تحزن، فقد صار كل هم القوم القتل والغدر الغيلة.
قبل يومين حينما كان وزير الاستثمار يقول إن خطتهم تعتزم نشر الاستثمارات الأجنبية في الولايات، قلت لو أن “مصطفى عثمان إسماعيل” كان شجاعاً لقال إن هذه الاستثمارات يجب ألا تشمل دارفور، لأن الأمر هناك صار استهدافاً للإنسان والتنمية ومشروعات الخدمات، فمن المشروعات (سوداتل) ومراكز الشرطة إلى مطار الشهيد (صبيرة) الذي نهبت آلياته ودمرت آليات وعربات طريق الإنقاذ الغربي، فالحكاية واحدة ومتطابقة
دار يخربها أبناؤها، يدمرون ذات وطنهم الصغير يستهدفون به الوطن الأكبر، لم يعد الصمت يجدي، ما عاد الأمر (حذلقات) سياسية وخطاب تهميش وما إليها من تلك الترهات، بات الأمر واضحاً أن هذا (البعض) استمرأ التخريب والقتل واشانة سمعة الشرفاء وجلب الوصمة لهم حتى صارت كلمة (دارفور) نفسها لا تطابق إلا الأعمال الإجرامية والأنشطة الهدامة، حيث لا يتم التفريق ربما إلا في شكل طريقة القتل، وهل هو بزخة رصاص أم نحر سكين؟!
(كردفان) و(نهر النيل) وولايات الشرق قاطبة والخرطوم في المشهد تمضي من مشروع لآخر، و(دارفور) تحتكر أخبار الموت وجبناء غدارون يقتلون مدير (منظمة السقيا الخيرية)، والرجل يشهد له كل البسطاء الأنقياء في (جنوب دارفور) وما جاورها أنه أعان الظامئ وأغاث الملهوف وسعى بالخير للجميع، وطاف القرى والحلال يخدم الناس فكان جزاؤه أن قتل واغتيل بدم بارد، وكالعادة ستخرج لنا السلطات هناك ببيان ضخم يندد بالحادث ويتعهد بجلب الجناة ومحاسبتهم وما إلى ذلك من (خج) سياسي يجيده حكام (دارفور) ورموز الإدارة الأهلية والسياسية، وهي عنتريات ما أوقفت منفلتاً وما ردت صائلاً بالجريمة والانحراف.
إزاء هذه الأحداث ومع تكرار التخريب المتعمد والتدمير الممنهج للسلام، فمن الطبيعي والمفهوم ألا يضع مستثمر (تعريفة) هناك، ومن المفهوم (جداً) أن يتراجع حتى رأس المال الوطني عن خوض تجربة بتلك الأنحاء، وسيكون من المفهوم (أكثر) أن يتعثر كل شيء في ظل عجز أبناء الإقليم أنفسهم من معالجة خللهم، سواء أكانوا هنا في المركز ممن لا يجيدون سوى (الكلام السمح) أو هناك، وهؤلاء لا يبرعون إلا في عقد مؤتمرات الصلح و(تعظيم) العمائم حين استقبال وفود المصلحين عقب المصائب!!