الاتصالات والفتاوى
عاد الشيخ “دفع الله حسب الرسول” عضو المجلس الوطني للظهور هذه المرة عبر تصريحات صحفية بالبرلمان أكد فيها الشيخ الجليل عضو مجمع الفقه الإسلامي بطلان وحرمة جوائز شركات الاتصالات التي يجري السحب عليها بقناة (النيل الأزرق). وبحسب “حسب الرسول” فإن مجمع الفقه وافق بعد استشارة من هيئة الاتصالات على شرعية إطلاق جوائز لتحفيز المشتركين لتسجيل شرائحهم نسبة للمشاكل الأمنية التي تحدث بالشرائح (غير المقيدة)، ووفقاً لقوله فإن المجمع اشترط عدم دخول شرائح جديدة في هذا السحب على الجوائز الأمر الذي لم تلتزم به شركات الاتصالات.
ولا أود الخوض بجدل فقهي واستعراض معرفي حول الحرمة من عدمها في هذا، فذاك مبحث مفخخ، ويتطلب مراجعات أعترف بأني لا أملك بعض تفاصيلها، ولكن أقول في هذه الواقعة تحديداً فثمة ثقوب ليست في صالح رواية الشيخ العارف بالله، فقد أقر بأن هيئة الاتصالات وبالضرورة الشركات قد استفتت في الأمر، وهذا موقف يحسب لأولئك ويعزز حرصهم على سلامة عملهم وطهره، والثانية أن الإجازة تمت (بغرض) درء مفسدة الشرائح العشوائية غير المسجلة لدى السلطات، بمعنى أن ثمة سبب (ما) يجعل من عملية جذب المواطنين للتسجيل ممكنة عبر حوافز وجوائز مصاحبة يتم اختيارها عن طريق القرعة، وهو سبب يظل قائماً طالما أن هناك عمليات شراء وبيع من الزبائن ومن ثم تبقى المفسدة راجحة، إلا أن تتخذ الشركات قراراً بإعطاب كافة الأرقام (المجهولة) الهويات أو أن تترك الأمر كالسابق فيعود ضرر عشوائية الحصول على الشرائح ليقوم مثالاً على جرائم عديدة وإشكالات لا يزال بعضها عالقاً في محاكم جرائم المعلوماتية والمحاكم الجنائية وقد قيد أغلبها ضد شبح !!
حسب معرفتي المتواضعة فإن أمر التحريم لا تجوز فيه التجزئة بمعنى أن الأمر المعين يكون حلالاً بنسبة كذا وحراماً بنسبة كيت، فإما حرمة بينة أو تحليل صريح وجهير، وطالما أن مجمع الفقه قد حلل وجوز هذه الجوائز، فالراجح أن العودة الآن لتحريمها (دت) قول يتطلب اعتذاراً جلياً عن الإباحة نفسها في مظهرها الأول لأن ذات المسابقات أوقفت قبل سنوات وحرمت ومنعت، وكادت تصيب سوق الاتصالات بالكساد، قبل أن تعود بفتوى إفراج مؤقت يتم الآن تجاوزها إلى كرت أحمر يُرفع في وجه هيئة الاتصالات والشركات والمواطنين.
مثل هذه المسائل يجب أن تؤخذ بالرؤية البعيدة والثاقبة واعتماد كافة المراجع والأسانيد ومراجعة الجميع، وشخصياً أتعجب للقول بأن الشركات قد أضافت مقيدين قدامى لأنه وحسب الإعلانات التي تابعتها فثمة تاريخ معين للتسجيل يؤهل أو لا يؤهل للمنافسة، ولا أظن أن الأمر مطلق هكذا لكل قاعدة المشتركين، حتى يختبر الشيخ دفع “حسب الرسول” الأمر ويجد أن اسمه ضمن قائمة المنافسة برقم قديم وربما يكون قد فاز والله أعلم.
عموماً فإن الضجة التي سيحدثها القرار ستعيد مجمع الفقه الإسلامي للواجهة وقد نسيه منذ رحيل البروفسور “أحمد علي الإمام” وما عادوا يذكرون له إجماعاً واجتماعاً إلا في مواقيت إثبات رؤية شهر رمضان المعظم كل عام.