الديوان

الشيخة «سلمى».. أسرار وكرامات وقصص وحكايات أقرب إلى الـخيال

رغم إنها عشة صغيرة (قطية) تنتحي جانباً من سوح منزلها تسور محيطها بعبارات دينية موسومة بالشهادتين وثمة أشياء أخرى مدلاة على جنباتها، وفي الداخل تحوي طقساً مشبعاً بالتصوف لكثرة التمائم واللوحات والكتب والدوايات وغيرها مما يستخدمه الشيوخ، بالإضافة إلى بعض التراثيات التي رتعت واستخدمت زمناً طويلاً كالسعن والقربة والفوانيس، لم تترك مساحة على جدران القطية إلا وازدانت بما يحولها إلى متحف مصغر، أما صاحبة هذه المملكة فهي تتوهط صدرها تارة تخلط الأعشاب، وتعكف أحياناً على قراءة وتصفح كتب علماء ومفكرين في مختلف مجالات العلوم.
الشيخة “سلمى محمد علي فضل” المنحدرة من أرض المجاذيب (دامر المجذوب) تلبستها حالة من الصلاح و(الدروشة) والكرامات وهي بعد طفلة رضيعة لم تتجاوز الثلاثة أشهر لترافقها طوال سني عمرها وإلى الآن فسخرتها لاحقاً لمنفعة الناس، ورغماً عن أنها لا تنتمي لأي من الطرق الصوفية، فثمة علاقة جمعتها بالشيخ “عبد الرحيم البرعي” وتنامت حد أن أصبح يزورها في منزلها ليسدي لها بعض النصائح والإرشادات. (المجهر) جلست إليها ونقبت معها الماضي والحاضر، مستشهدة بمؤلف أعده عنها أحد الزملاء الإعلاميين وكانت هذه المحصلة.
الطفلة ذات السبعة أشهر تتكلم
الشيخة “سلمى” توأم مع طفلة سبقتها بثماني وأربعين ساعة قبل أن تنزل هي، ولعل هذه أولى المؤشرات التي تنبئ عن كائن إستثنائي تبدت ملامح طريقه باكراً، وبحسب الأستاذ الصحفي “أيمن خيري” الذي سافر برفقتها إلى مسقط رأسها مدينة (الدامر) ثم إلى ولاية شمال كردفان حيث (زريبة الشيخ البرعي) لسماع الحكايات شفاهة من مصادرها وجمعها في مؤلف بعنوان (الزمردة) اقتطفنا بعضها ومنها شهادة الدكتور “محمد هاشم الطيب” المدير العام لـ(مستشفى الدامر) حالياً ومستشار النساء والتوليد وقوله (هناك حالات كثيرة يتأخر فيها خروج التوأم لأكثر من ساعة أو ليوم كامل، لكن طيلة فترة عملي لم أسمع بخروج توأم ومكوث الآخر فترة ثماني وأربعين ساعة، فهذه حالة خارقة وفوق العادة والوضع الطبيعي هو مفارقة الحياة). كانت صامتة وهادئة حتى أنها أصبحت محل تندر وسخرية أهل (الشعديناب) بالدامر، ويذكر أن خالها “مجذوب” الشقيق الأكبر لوالدتها قال في تلك الأثناء كثيراً ما كنت أشك أنها حية.
وورد أيضاً أن مدينة (الدامر) شهدت حالة خاصة تعتبر من خوارق الأحداث في نهار أحد الأيام، حيث كانت والدة “سلمى” تطحن القمح على الرحى وابنتها ذات السبعة أشهر إلى جوارها. قالت الأم (أقسم أنني وبعد مرور أكثر من أربعين سنة ما زلت مندهشة مما حدث، بل ارتعب خوفاً كلما تذكرت ذلك الحدث)، وتروي القصة (في لحظات كادت أن تمور بي الأرض عندما رأيت الطفلة تدور حول شجرة الدوم المنتصبة وسط الحوش وهي تردد الله في الله في، ثم عادت وجلست في مكانها، وأردفت: صرخت وخرجت أنادي على الجيران فاجتمعت الجارات وسألنني فأشرت إلى الطفلة التي ما فارقت الضحكة فمها الصغير، وأخذن يرددن البسملة وآيات القرآن، ثم قررنا أخذها إلى شيوخ (البخيتاب) وقابلنا الشيخ “الجعلي” له الرحمة، فقرأ ومسح على رأسها، مضيفة وأشهد الله أنني كنت أخاف الجلوس معها بمفردي.
قصة الرؤية والدعاء
ورواية أخرى قصتها لـ(المجهر) الشيخة “سلمى” أن الرئيس الأسبق “نميري” حل ضيفاً على والدها “السيد محمد علي فضل” بمنزلهم بـ(الشعديناب) فأقام وليمة غداء على شرفه، وكانت بالحوش الكبير مزرعة فاكهة، وحدث أنه لم يجدوا (صلصة) وكانت الدكاكين جميعها مغلقة، ووسط هذا الانزعاج خرجت لهم الطفلة من بين الأشجار وهي تحمل علبة صلصة مغلقة، وسألتها شقيقتها الكبرى “أمال” عن مصدرها، فردت (رمتها الحدية)، فرفضت كثير من الجارات وكذا شقيقتها الأكل.
وعن علاقتها بمداوة مريديها وغيرهم ممن قصدها ومتى بدأت ذلك وكيف، قالت “سلمى” كنت كثيراً ما أشاهد رؤيا خاصة في رمضان مصحوبة بضوء واضح للعيان شاهده حتى الجيران، فأخذوني مجدداً إلى شيوخ (البخيتاب) فقالوا لي إن هذه أيام الدعوة فيها مستجابة فأدعي بما تريدين. وبالفعل دعوت (اللهم أجعلها منفعة عامة وأنا غير قوت يومي ما أزيد وأموري مسهلة للجنة) وبالفعل هذا ما حدث ورزق اليوم باليوم.
وبعدها أصبحت ترى الأمراض وكيفية علاجها في النوم، وتعتمد في العلاج على الأعشاب والرقية، وأول حالة قامت بعلاجها لأحد أبناء المنطقة وكانوا في طريقهم للسفر إلى الخرطوم بسبب البواسير، فرأت علاجه وبالفعل طبقته ومن وقتها وهي تعالج وترى السرقة وغيرها في منامها، وبحكم طبيعة عملها في مجال الأبحاث الزراعية إستطاعت صقل تجربتها العلاجية بالأعشاب واعتمدت على ثلاث عشبات منها (الزعتر والبابونج) وتحضرهما من(المدينة المنورة) ووصفت الزعتر بـ(العشبة السحرية)، ففي السعودية يعتبر وجبة لطلاب المدارس، وفي أمريكا وجبة إجبارية، حيث يخلط الزعتر بالسمسم والمكسرات ويؤكل كسندوتش، يعالج القاوت والجيوب الأنفية والربو والأزمة. اما العين والحسد وغيرهما فعلاجهما الرقية الشرعية مع أسم الجلالة وموية زمزم.
علاقتها بالشيخ “البرعي”
وعن علاقتها بالشيخ “البرعي” تقول الشيخة “سلمى”: كنت أتمنى أن التقيه قبل أن يحدث ذلك فعلياً، وكان أن عرضت عليَّ إقامة بـ(المملكة العربية السعودية) فهاتفني “البرعي” من محمول (الثريا) وطلب مني عدم السفر لأنني سألتهي بالنعيم وحياة القصور، وأنا عاهدت الله أن يكون رزق اليوم باليوم، فطلبت منه أن يعيدني للعمل بالخرطوم، فاتصل بالسيد “عبد الرحمن سر الختم” والي الجزيرة وقتها وطلب منه نقلي، وبالفعل تم ذلك ونقلت إلى أبحاث الأغذية حسب تخصصي (معهد زراعي بالدامر ــ القاهرة).
الآن تتنقل “سلمى” ما بين (الخرطوم بحري) و(المدينة المنورة) بموجب إقامة دائمة من قبل أحد الأمراء الذين عالجتهم، وأثناء فترتها بالسودان تقيم أمسية ذكر كل يوم (أربعاء) مصحوبة ببعض النشاطات الإجتماعية كالزواج والختان الجماعي تشارك فيها عدد من الفنانات أمثال “ندى القلعة” والفنانة الإنسانة “سميرة دنيا”. على أن ثمة مسألة تؤرقها ولا تعرف لها سبباً وتناشد عبر (المجهر) الشيوخ والفقهاء لحل طلاسمها وهي تعثرها في نطق (أسم الجلالة واسم “محمد” في أي مكان وزمان سواء أكان في الطعام أو الحجارة في كل المنازل التي انتقلت إليها حتى في (المدينة المنورة).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية