الوضع الراهن!
انفعاليون.. ومنبهرون.. مشدوهون إلى حد التوتر.. مبحلقون على نحوٍ متجهم.. تلك العيون المفتوحة على اتساعها.. والأفواه الفاغرة.. هل تأملنا وجوههم وهم يراقبون الأشياء التي يظنونها “مدهشة”؟! لماذا لا يكون هذا الطقس الاحتفالي مسرحية عبثية لمجرد تسجيل الحضور في دفتر “المواكبة” أو ربما الاحتفاظ بالحق المجاني في إبداء “الرأي” وارتداء قبعة “المثقف” أو”السياسي” أو”الإعلامي”!.
تقوم الدنيا ولا تقعد سياسياً وإعلامياً كلما جدَّ جديد في الحياة العامة، أو خرج مسؤول حكومي أو معارض بتصريح غريب ضمن “الحرب الكلامية” التي أصابت صواريخها “المزعجة” المواطن بالصمم والعمى.. منظومة مدهشة للتسخين والتوليع و”العمل من الحبة قبة”!.
كأنَّ الذي حدث هو الذي سيسدل الستار على مسرحية “مملة ” و “سخيفة” اسمها “الوضع الراهن”.. أو سيأتي بالخلاص من الأزمات التي أشعلت الخارطة وجعلتها تتشظى في فراغ سياسي عريض لا يعرف ماذا يريد، ولا كيف يبرر فشله الذريع في كل شيء.. حتى حلق رؤوس رموزه التاريخية الذين ما زالوا يحكمون أتباعهم بالحديد والنار والحلفان على الشنب أو اللحية ..!
ولأن “الوضع الراهن” أقرب للجنون منه للعقل.. ويمارس المفاجآت “الفجة” و”الرخيصة” كل يوم من خلال تدوير “الأسطوانة المشروخة” “وفاق.. خلاف.. شراكة.. انشطار”.. فليس من ردود فعل تذكر سوى الانفعال والانبهار والبحلقة بعيون مفتوحة وأفواه فاغرة.. ثم تدبيج البياض بعناوين “هزازة” ينتهي ضجيجها بما تستغرقه من لحظات قصيرة ولكن مزعجة.. أما “المعارضون” فهم يثرثرون تحت ظلال “الشجرة” ومع كل “رشفة ” من كوب القهوة أو الشاي يخرجون من صدورهم هواءً ساخناً يرسم في فضاءاتهم المعتمة كلمة “لا”.. لا.. لكل شيء.. حتى الشاي والقهوة والهواء والماء ..!
” لا”.. المعارضة، لم تجعل من الانفعال والانبهار مخرجاً موضوعياً من “الوضع الراهن”، و”نعم” الحكومية لم تمنح محكوميها جواز مرور إلى طقس مستقر وخالٍ من “البحلقة” في اللا شيء وانتظار ما لا يجيء.. فقط يتحول “الوضع الراهن” إلى شماعة جاهزة لتعليق الفشل بالأعذار..”استهداف خارجي.. مؤامرة دولية.. وحسد” على إيه .. الله أعلم ” !
لن ينقذ “المركب” إلا “حزب الوطن” بعيداً عن “لا” أو ” نعم”.. بعيداً من الانفعال والانبهار وافتعال الدهشة.. بعيداً عن الارتزاق من مصطلح “الوضع الراهن” سياسياً وإعلامياً.. بعيداً عن أسطوانة الوفاق أو الخلاف.. بعيداً عن “الشراكة أو الانشطار” .. ولأن “حزب الوطن” غير مسجل ولا مدعوم، ولا يضم حتى الآن عضواً واحداً – فلا يحق له دخول الانتخابات.. وبالتالي لن يكون “ميكافلياً”.. ولا باحثاً عن “السلطة والثروة”.. وهو ما قد يجعله يموت في مهده؛ لأنه لا أحد يعمل في هذا الزمن دون مقابل و”ببلاش” ومع ذلك فـ”حزب الوطن” إهداء مجاني للذين يبحثون عن اسم لحزب جديد يحقق أعلى إجماع وطني دون أن يكون في عضويته أحد.. لأنه باختصار حزب ضد كل الأحزاب.. وضد الثروة والسلطة التي هي حق للوطن وحده، وليس للساسة والأحزاب، “حزب الوطن” لمن يريد احتكار علامته المسجلة المقصود بها “الوطن” البلد الذي إن لم نتدارك “الوضع الراهن” سنصحو فنجده قد تلاشى من خارطة وجودنا وأحلامنا!!.