الفحص الطبي قبل الارتباط.. ضرورة للاستقرار الأسري
الزواج هو أساس الروابط الإنسانية التي سنتها الأديان السماوية وصادقت عليها الأعراف ونظمتها الفطرة، وهو مشروع اجتماعي وشراكة حياة تحتاج إلى تدقيق وتفكير سليم، ومن ثم وضع الأسس التي تستقيم بها هذه الشراكة حتى لا تكون مصدراً للتعاسة أو ضرراً لكل من الطرفين.
ومن الأشياء المهمة التي كانت لا توضع في الحسبان في عهود سابقة هي ضرورة لجوء أي اثنين مقبلين على الزواج إلى الفحص الطبي، لارتباط يضمن لهما حياة زوجية مستقرة وذرية سليمة ومعافاة، هذا لأن إعاقات وتشوهات الأجنة غالباً ما تتسبب فيها الجينات الوراثية.. ولأهمية الأمر (الفحص الطبي قبل الارتباط) في (زواج الأقارب) وأثره الاجتماعي وانعكاساته داخل الأسرة الصغيرة والأسرة الكبيرة، (المجهر) حاولت مناقشة الموضوع من جوانبه المختلفة عبر هذا الاستطلاع.
في البداية التقينا بالأستاذ “محجوب محمد” (موظف بإحدى الكليات الجامعية) بدأ حديثه قائلاً: زواج الأقارب قبل إكمال عقده وحتى تتحقق له كل أسباب النجاح أصبح من الضروري إلزام أطرافه بالخضوع للفحص الطبي، لأن هذا النوع من الارتباط تنتج عنه الكثير من الأمراض والتي تأتي بأطفال مشوهين وتؤدي فيما بعد لخلافات، وإذا حدثت هذه الخلافات بين الطرفين سوف ينعكس أثرها على عائلة الزوجين ويحدث شرخ في الأسرة الكبيرة، وهذا في اعتقادي ما جعل منظمات المجتمع تطالب وتنصح بأهمية الفحص الطبي وضرورته قبل الزواج.
وتحدث لنا “محمد عبد المنعم” مهندس حاسوب، وهو شاب غير متزوج ومن الشباب الذين لا يرغبون في الزواج من الأقارب، موضحاً الأمراض وإلاعاقات التي تنتج عن زواج الأقارب قائلاً: رغم أن القاعدة الطبية الشرعية لا تمانع من زواج الأقارب، لكنها تحث على توخي الحيطة والحذر، ومن باب العادات والأعراف في بعض الثقافات تفضل القرابة كمعيار يؤسس عليه الزواج والتركيز بصفة أخص على القرابة القصوى، أي الزواج من أبناء العمومة، إذ ينص الموروث الشعبي على أن الزواج المفضل هو الزواج الداخلي.
وعن إمكانية أن يجري فحوصات قبل الزواج هو وشريكة حياتك المستقبلية، أجابنا قائلاً: نعم للتأكد من مستقبل أطفالنا وخروجهم للحياة من غير إعاقة وراثية، أو الأمراض الخبيثة (كفانا الله وإياكم).
من جهة أخرى أكدت “اشتياق” أستاذة بمرحلة الأساس أن الأمراض الناتجة عن زواج الأقارب من أبوين قريبين، واضحة بسبب عدم إجراء الفحص الطبي للزوجين قبل الزواج، ولأنها متزوجة سألناها، هل أجرت فحصاً طبياً قبل زواجها، أجابتنا: في الزمان الذي تزوجت فيه كان إجراء الفحص ليس شائعاً والناس لم تكن تهتم به، وأنا تزوجت من الأباعد والحمد الله أبنائي معافين.
وفي صعيد متصل قالت “ميساء” طالبة جامعية إذا كانت بالأسرة عوامل وراثية مرغوبة ليس في غيرها من الأسر في هذه الحالة يكون زواج الأقارب أفضل، شرط أن لا يمتد هذا الزواج لجيل بعد جيــــل حتى لا تتحول الأمراض الناتجة عن الوراثة.
وأكدت لنا الاختصاصية الاجتماعية “ثريا إبراهيم” أن الأمراض الوراثية والتشوهات الخلقية تشكل نسبة عالية من المواليد الجدد، ويتوقع إحصائياً أن يصاب طفل واحد من كل (25) طفلاً إما بمرض وراثي أو عيب خلقي شديد أو تأخر عقلي ناتج عن خلل في الجينات أو بمرض له عوامل وراثية، وبعض من هؤلاء المصابين بهذه الأمراض يتوفون مبكراً أو يحتاجون للبقاء في المستشفيات لمدة طويلة أو بشكل متكرر، وهذه لها تبعات اقتصادية واجتماعية ونفسية، فالاستشارة الوراثية والفحص الطبي قبل الزواج أمران في غاية الأهمية في هذا العصر، وقد يكشفان عن أمراض وراثية تساهم في تخفيض نسبة الأمراض والأضرار الناتجة عن الزواج. يكثر زواج الأقارب في كثير من المجتمعات ومنها مجتمعنا العربي.