الحكمة مفتاح الفرج
} في الاتحاد السوفيتي في سابق الأزمان، في عهد “غورباتشوف”، جاء وزير ماليته حاملاً أوراقاً وأقلاماً ومستنداتٍ، تؤكد أن هناك أزمة اقتصادية في البلاد، ولا بد من رفع الدعم الحكومي لمدة عام، حتى تتمكن الدولة من استقرار الموازنة المطلوبة. وأكد وزير المالية أن العجز كان بنسبة (40)في المائة، حينها رد عليه الرئيس مطالباً باستقالته، ومن ثم الخروج للناس عبر الوسائط الإعلامية ليحدثهم عن العجز البالغ أربعين في المائة. فثار الشعب وامتلأت الشوارع وشنت الأقلام عبر الصحف هجوماً عنيفاً على وزير المالية، فخرج الرئيس بعد أيام وأعلن عن قبول استقالة وزير المالية، وأعلن في لقاء تلفزيوني رفع الدعم لمدة ستة أشهر فقط بنسبة عشرة في المائة.
} رئيس الاتحاد السوفيتي الأسبق استطاع أن يقرأ الأحداث بشكل جيد، وتمكن من تنفيذ المعالجة المطلوبة برضاء الشعب ذاته، وبزيادة تفوق الخمس في المائة، مما يعني أن المواطن يحتاج إلى مرونة في التعامل معه في المعطيات الكبيرة، والحيثيات التي تلامس قضاياه بصورة مباشرة، لذلك فإن ما جاء في خطاب الحكومة عن الإصلاحات الاقتصادية لم يكن مقنعاً لعدد كبير من المواطنين، واعتقدوا أن السياسات المتبعة لا تنحاز إلى قضاياهم بشكل كبير.
} وقد خرجت احتجاجات بعدد من الولايات بعد إعلان المعالجات الاقتصادية رسمياً، وتحرك آخرون عبر شبكات الانترنت بصورة مكثفة، وأرجو أن تتعامل الحكومة مع الواقع بتعقل كبير، خاصة وأن البدايات المشحونة دائماً ما تكون عنيفة، الأمر الذي يتطلب الحكمة والمرونة في الرد على المتظاهرين.
} المرحلة القادمة أصعب الأيام التي ستمر بها الإنقاذ، خاصة وأن المواطن بات يعيش في نيران مشتعلة، يصعب معها الصبر أو الانتظار حتى تتم المعالجات بالشكل الذي يراه “علي محمود”، لأن شظف العيش والضغوط التي تمر بها الأسر باتت الأصعب والأمر.
} غادر “زين العابدين” تونس بسبب مشكلة صغيرة في أقاصي الدولة، لذلك فإن الاستفادة من العبرة هي الأهم في كيفية وضع استراتيجية تعينكم على تهدئة الأوضاع، إذ أن التهور يمدد البدايات، ويؤطر لقادم أسود ويضع الدولة في مواجهة مباشرة مع كل أهل السودان، لأن الشائعات الشفاهية باتت سيدة للمواقف، وبناء الثوابت التي تندرج من خلالها الأزمات.
} الحكمة والاستمرار في المحاولات التي تساهم في العلاج، هي نقطة التحول التي يمكن أن تعيد الأمور إلى نصابها الصحيح، إذ أن التساهل والاستهتار بالمطروح يضع الحكومة في وضع لا تحسد عليه.