أخبار

فوضي السوق!!

} لا أدري إلى أين تسير الأمور الاقتصادية في السودان، وكيف سيكون المستقبل في ظل هذه الضغوط التي يتعرض لها السوق من خلال تجار جشعين مهمومين بالكيفية التي تمكنهم من جمع أكبر قدر من الأموال واكتنازها في البنوك والخزائن المختلفة تحت الأرض وفوق الأرض.
} الأسعار في السوق تمارس ارتفاعاً جنونياً للدرجة التي تضاعفت فيها قيمة السلع أكثر من النصف، لأن الرقابة غير موجودة وليس هناك رقيب أو حسيب يمكن أن يوقف هذا العبث الذي يلقي بظلال سالبة على المواطن المسكين.
} تذكرت الفنان “عادل إمام” في مسرحيته الشهيرة حينما قال (الشعب لابد أن يكون فقيراً، لأن الفقراء يدخلون الجنة)، حينها أيقنت أن بعض المسؤولين في الدولة قد ركنوا لهذه الجزئية من المسرحية الشهيرة ودرجوا على تطبيقها من خلال متابعة مجريات السوق بلا مبالاة، وكان السودان دولة أخرى لا علاقة لهم بها. إذ أن الواقع قد بين أن الحرية المطلقة في الاقتصاد قد ساهمت بقدر كبير في الانهيار المجتمعي والحياتي بالصورة التي نراها الآن لنعيش من خلالها في زمن باتت فيه علبة الكبريت بـ (50) قرشاً، وكيس اللبن عبوة (2) كيلو بـ (145) جنيهاً، وعلبة الزبادي الكبير بستة جنيهات ونصف.
} الفقر المدقع الذي يعيشه كل أهل السودان، باستثناء طبقة معينة، يبين أن الدولة لم تقم بمسؤولياتها كاملة في الفترة الأخيرة، والدليل الارتفاع الجنوني في الأسعار مقابل مرتبات ضعيفة وأجور لا تكفي ثلاث وجبات لمدة يومين، لذلك فإن التحدي الحقيقي في إيجاد معالجات لضبط السوق من خلال قرارات إيجابية تؤمن للمواطن أسعاراً معقولة بقيمة ربحية متوازنة لأن المنطق يتطلب أن يكون المقياس الربحي متوازناً.
} بالأمس وصل سعر الدولار إلى ثمانية جنيهات أو يزيد، وأوضح بعض التجار المتخصصين في العملة أن الارتفاع سيتواصل يوم غد، وربما وصل إلى تسع جنيهات دون مبررات مقنعة؛ الأمر الذي ينعكس سلباً على أسعار السلع والملابس والمأكولات وغيرها من المتطلبات الحياتية، مما يعني أن حياة السودانيين باتت في أيدي هؤلاء التجار الذين لا يخافون الله ولا يخشون الحاكم وغير آبهين لهذه الأزمات والمشاكل التي يعيشها المواطن الذي ينال (600) جنيه في الشهر كاملاً.
} المضحك في القضية أن رطل اللبن قد وصل إلى قرابة أربعة جنيهات، وعندما استفسرت بائع اللبن عن التعريفة الجديدة أجابني بسرعة غير متوقعة أن (الدولار ارتفع.. بقت علينا)! ضحكت حتى بانت نواجذي وتعجبت بالمبرر الذي لا علاقة له بالواقع، لأن السودان حسب ما درست في المراحل التعليمية المختلفة يمتلك ثروة حيوانية ضخمة، وأن الأعلاف متوفرة في البلاد بشكل كبير، وأن العاملين فيها من ذات المكان، فأين الدولار وموقعه من الأعراب في كل ما ذكرت.
} فوضى السوق تحتاج إلى مراجعة وحسم وضبط وربط، ومن ثم متابعة ومعاقبة حتى يتسنى لنا أن نعيش حياة متوازنة، ونشارك الدولة الهم القادم الذي يبدو أن بشائره تحمل ملفات صعبة ومعقدة، فلنتهيأ للمستقبل بشكل إيجابي من خلال أوضاع مستقرة ومتوازنة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية