فوق الدبر ما تميل!!
} “سلفاكير” في الخرطوم.. حدث كبير ولافت، وربما يلحظ المرء أن وصول رئيس دولة جنوب السودان إلى الوطن الأم صار يرفع بورصة الأخبار والمتابعات بشكل لافت، وكذا الحال حين هبوط “البشير” في جوبا، وهذا لا يحدث مع أية زيارة لأي مسؤول آخر لبلادنا، مما يشير إلى جانب آخر، إلى أن البلدين يرتبطان بوشائج تمتد إلى جذور الاهتمام الشعبي. وقد شهدت بالأمس مناقشات بين عامة المواطنين في أكثر من موقع، كان أغلبها يستفسر عن التفاصيل من حيث المواقيت، ثم يتحول الأمر إلى نقاش بديع كانت الغالبية فيه تؤمن على حظوظ السلام وضرورة استدامته، مما يشي بحالة من الوعي الشعبي يمكن أن تحصن علاقة البلدين مستقبلاً إن ارتفع الجانب السياسي والرسمي لذات المشاعر والقناعات، وأظنهم فاعلين.
} أميل في رؤيتي لموقفنا من الجنوب للاصطفاف إلى جانب القائلين بالانحياز إلى خيارنا الإستراتيجي في التواصل مع البلد الجديد، بغض النظر عن آراء وعلو هدير أقلام الرافعين لـ(فزاعة) التخوين والتخذيل. وقد ابتلينا في هذه البلاد بمشعلي حرائق لا يسعدهم قط مثل هذا التطور، فلكما تفتحت زهرة للسلام طمروها بطين الظنون وتهييج الرأي العام ضد كل من يعلن موقفاً داعماً للتواصل والحوار الإيجابي، ليطال الاتهام الجميع قدحاً في وطنيتهم وربما سلامة دينهم، هذا بخلاف الأحكام الشخصية التي قد (تمعط) شاربك وذقنك!
} تجاوزاً عن أولئك، أؤكد أن من تمام المسؤولية والوعي للحكومة السودانية أن يتسع أفقها في النظر إلى مسافات أبعد، لأن المحصلة النهائية ستكون لصف الاستقرار والإعمار والتنمية التي إن تحققت بالسودان مضى في نهضته من فتح إلى آخر، وإن تعثرت فلن ننفك واقعين في أسر الحروب والمعالجات التي لا تنتهي إلا بدخول جماعة للحكم وخروج أخرى، فإن رضي “زيد” غضب “عمر”، ليكون على السودانيين دفع فواتير الترضيات لكل (راس مية) يظن أنه له حقاً وسلطة مهدرة طالما أنه حاز اسماً من طرف السوق وشبراً في المنابر.
} إن لقاء الخرطوم الجديد بين “البشير” و”سلفاكير” سينجح إن تجاوز الألغام الأرضية المنثورة تحت الرجلين في قضايا الحدود وأبيي، واستفتاء أكتوبر المنتظر، وقضايا الأمن، وهموم اتهامات وإثباتات دعم الفصائل المسلحة، وتلك صحيح أنها هموم وشواغل ذات آثار جانبية، ربما بعضها مهلك، ولكن واحدة من طرق التوصل إلى حلول حولها أن يكون الجو العام معافى وسليماً يتم فيه التجاوز بالصبر إلى حين التسوية النهائية، وعدم الاندفاع لمطالبات بحلول فورية في إشكالات ذات تفرعات أوسع مما يُظن لها أن تنتهي بمجرد التزام أو قرار رئاسي من هنا أو هناك، لن يعدم أن يخرقه أحد جراء (تصرف) ما لأي تقدير قد لا يكون بالضرورة موقفاً رسمياً مجمعاً عليه.
} ستنجح هذه القمة، ويكون لها ما بعدها، ولن تكون قمة مجاملات إن اتجهت إلى أن (تشيل وفوق الدبر ما تميل).. وملفات (الدبر) معلومة ومعروفة.