احذروا المحتالين!!
{ قال “أروك جيمس”: (إن الاحتيال يتنوع حسب الشكل المطروح أمامه ليتمكن من القضاء على فريسته بسهولة، فيكون الإطار العام مندرجاً في ذات القضية ومن ثم فإن الابتلاع قد يكون سهلاً ويسير). لذلك فإنني أتابع هذه الأيام حراكاً متنوعاً ومختلفاً لأشكال وأنواع متعددة من المحتالين الذين أضحوا أكثر من أعداد سكان الخرطوم ذاتها، ولعل الشكل الظاهري بات واحداً من المداخل التي تعين على تنفيذ المطلوب دون أن يشك أحد، والأمثلة كثيرة.
{ سمعنا كثيراً بروايات متباينة في فترات متباعدة عن بعض المحتالين في الأسواق، وكيف يدخل المحتال بشكل مهندم إلى أحد المحلات وينال ما يريد بعربة فارهة مستأجرة وبعض الشيكات الطائرة، ومن ثم يغادر إلى مكان آخر بعد أن يشرب صاحب المكان المقلب، للدرجة التي بات فيها التجار يشكون في بعضهم البعض بنسبة كبيرة، لأن الأمان أضحى عملة نادرة في زمن ضاعت فيه كل القيم والمبادئ الفاضلة.
{ والغريب في الموضوع أن بعض النساء قد انخرطن في الاتجاه ذاته، وتكونت بموجب ذلك عصابات محترفة تخصصت بشكل كبير في الاحتيال على خلق الله، ودونت مضابط الشرطة الكثير من الحالات والأحداث التي تختلف شكلاً وتنفيذاً وتتفق في المضمون، ليصبح القلق مسيطراً على الكل، والهلع واحداً من السمات التي ترتسم على تفاصيل كل الأسر السودانية.
{ كثيراً ما توقفت في أشكال الاحتيال وتابعت عدداً من قضاياها بتركيز كبير، وللأسف الشديد فإن بعضهم من أقرب الناس إلينا في المجتمع، وقد يكون ذا مكان معروف أو مهنة شريفة، ولكن ببعض الفهلوة قد يتمكن من تنفيذ أجندته بأريحية وهدوء، لأن المجتمع الصغير الذي يحتضنه لم يتمكن من كشف سره إلى العامة حفاظاً واحتفاظاً على سرية المهنة ومكانتها في المجتمع، ولعل الحديث قد يلامس عدداً مقدراً من الشرائح المجتمعية، ولكن يظل في إطار (يا أخوانا بس خلاص أعملوا حسابكم منه) رغم أنه ما زال يتمتع بحياة طبيعية بين العامة، وينتظر بذكاء يحسد عليه لحظة الصفر للانقضاض على فريسة تعينه على اكتساب بعض الأموال الحرام والعياذ بالله.
{ المحزن في الموضوع أن الاحتيال ومجموعة المحتالين قد نشطوا هذه الأيام بصورة مكثفة وسيطروا على وسائل الإعلام المختلفة تحت لافتة إغاثة المتضررين من السيول والأمطار، فتسابق أصحاب المهنة في نشر أرقام تلفوناتهم في كل مكان وتمكنوا من استلام كثير من المعينات العينية من جهات كثيرة راغبة في عمل الخير، واستفادوا من محصلة أموالها في جيوبهم التي لا تمتلئ ولا تكتفي.
{ الأزمة الحقيقية أضحت ليست في المتضررين، بل في هذه الفئة التي نشطت بشكل كبير وتفرغت تماماً معتمدة على مظهرها ومكانتها في المجتمع، بل ومن مواقعها التنفيذية في كثير من الأحيان، للدرجة التي اختلط فيها الحابل بالنابل، والضحية هؤلاء المتضررون الذين لم يستلموا حتى الآن ما يعينهم على الحياة.
{ أصحاب الضمائر الغائبة هم الأخطر على المجتمع والأكثر ذكاءً في التعامل مع الهدف؛ لذلك فإن توحيد القنوات لا بد أن يكون واحداً من الإستراتيجيات التي يستهدفها أهل الخير، وأن يكون الدعم عن طريق قنوات معروفة وذات ثقة وغير مشكوك في أمانتها مهما كان المكان الذي يجلس عليه.
{ احذروا هؤلاء وتريثوا قبل أن تأتمنون “عبيداً” أو “زيداً” صاحب المكانة المتميزة أو المنتمي لتلك المؤسسة المعروفة، لأن تلك المعطيات صارت إحدى أدوات الاحتيال على خلق الله، ومن ثم فللمتضررين رب يحميهم ويعينهم على الصبر ويزيح عنهم مصائبهم ويثبت أولاد الحلال في طريقهم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.