تزول البيوت .. وتنمو الحشائش!!
{ يبدو مستفزاً جداً مشهد (معتمد) المحلية التي غرقت كلها في مياه السيول والأمطار، وهو يتحدث ببرود يحسد عليه من داخل أستديو تلفزيون ولاية الخرطوم أمس الأول!!
{ و(المعتمد) يأتي إلى الأستديو مصحوباً بشريط فيديو يحوي (تفاصيل) رحلته (الجوية) والوفد المرافق له إلى إحدى قرى المحلية المنكوبة!!
والوفد الذي يرأسه المعتمد، أو يرأسه “مندور المهدي”، لا يهم، يضم نائب رئيس المؤتمر الوطني ومدير أمن الولاية.
{ طائرة الهيليوكوبتر المتهالكة تهبط في مساحة بضعة أمتار (يابسة)، وبعض أعضاء الوفد بمن فيهم (المعتمد) يحملون بأيديهم (بضعة) جوالات سكر عبوة (عشرة كيلو)!! وأشياء أخرى، يمكن حملها في (ضهرية) عربة صالون.. أو قل عربتين لا أكثر!! و(المعتمد) يتحدث.. والكنترول في (أستديو الولاية) يعيد اللقطة، مرة واثنتين وخمساً..!!
{ و(المعتمد) يحدث المذيع “محسن” وزميلته عن (سرور) السكان (الغرقانين) بالأمطار حتى (ولو تهدمت بيوتهم) لأنهم (سيزرعون وستنمو الحشائش وستأكل بهائمهم)!! يا سبحان الله.
{ والمعتمد يقول إن الأخ (الوالي) وجّه (بنثر البذور) لزراعة الأراضي الممطورة.. لتقوم الزراعة.. وتنمو الحشائش!! وللحقيقة فإنه لم يحدثنا ما إذا كان السيد وزير الزراعة الاتحادي حفظه الله “عبد الحليم بن اسماعيل المتعافي” المرشح – بعد خراب مشاريع الزراعة – لتولي وزارة المالية في حكومة (التغيير)، قد وجه هو الآخر بنثر البذور، بعد التفاهم مع مدير وقاية النباتات، الذي عاد للعمل رغم أنف مجلس الوزراء، (بإيد المتعافي وشديدو طبعاً).. أم لم يوجه بعد؟!
{ كان مشهداً عبثياً – أخي “عابد سيد أحمد” – ذلك الذي بثه تلفزيون ولاية الخرطوم مستضيفاً (معتمد) محلية (غرقانة حد الحلق)، وهو يتحدث ويتحدث، والمذيع وزميلته يكتمان ضحكتهما أو قل (مغستهما) من حديث (المعتمد) الذي قال في ما قال إن المياه عادت لصنابير المياه الراقدة تحت (الأنقاض)!! وعندما سألته المذيعة: كيف عرف الناس مكان (المواسير) تحت الركام، أجاب زميلها “محسن”: (إن الإنسان على نفسه لبصيرا).. وكتم ضحكة باكية ربما لو خرجت لكانت (مجلجلة)!!
{ استوقفني هذا المشهد الغريب العجيب في هذه المحطة، من بين مئات المحطات التلفزيونية وأصابعي متوترة على (الريموت كنترول) ما بين مشاهد غرق (شرق النيل)، وصور اعتصام (رابعة العدوية) المبثوثة على قناة (الجزيرة مباشر – مصر)، بينما تقاطع الاعتصامات قنوات (الحياة) و(النهار) و(المصرية) و(دريم) وبقية قنوات تحالف (العسكر والفلول) في أكبر (فضيحة إعلامية) لانتهاك المهنية!!
{ سيدي والي الخرطوم.. الحصل حصل.. والفشل ظاهر لكل ذي عينين.. فشل التخطيط العمراني في ولاية الخرطوم.. فشل الهندسة والمهندسين وفضائح (بيع الأراضي) بالجملة.. بالمزاد العلني في (الفندق الكبير).. ومن دون المزاد.. بيع الميادين و(الخيران).. ومجاري السيول.. بيع كل شيء.. وأي شيء.. لزيادة التحصيل.. وتحقيق معدلات أعلى من (الربط) المحدد للإيرادات!!
{ كل هذا معلوم، ومشهود.. ولكن فقط، ورجاء، احفظوا عليكم معتمديكم ووزراءكم.. امنعوهم من (الاستديوهات) وامنعوها عنهم، فإن كانوا حقاً فاعلين وموجودين، فإن الكاميرات ستجدهم هناك، وسط (الخيران) وبين الأنقاض، يقودون عمليات تصريف المياه، ورش البرك للوقاية من (البعوض).. وتوزيع الخيام والمشمعات.
{ لا مجال الآن للحديث.. الوقت للعمل.. فاجعلوا كاميرا تلفزيون الولاية تراقب المسؤولين في (الميدان) دون سابق موعد أو (حجوزات)، فالظرف العصيب لا يحتمل لقاءات (العلاقات العامة) من داخل الأستديوهات.