أخبار

بنك الصيام

{ مع قدوم الشهر الفضيل عمت الفرحة نفوس الصادقين الصالحين الأنقياء، وبدا حراك فاعل من قبل شرائح المجتمع المختلفة في شتى المجالات، وعلى رأسها إرساء دعائم المحبة والمودة والاستغفار والإخاء التي تخلق نوعاً من التجانس والتفاعل والانخراط الديني والمجتمعي الحي، الذي يبين أن الإسلام رسالة سامية وقيم فاضلة ومعانٍ عظيمة.
{ لاحظت التحرك من قبل الولايات المختلفة في مبادرات تتشابه في شكلها العام، وتبلور إحساس الدولة بالمواطن العامل في أجهزتها المختلفة من خلال كيس الصائم ومنحة العاملين وغيرها من المسميات، ولعلها بادرة ومبادرة تحسب لهم وتنضوي في إطار إحساسهم المتعاظم بالعاملين والموظفين، ولكنهم لم يفكروا في الفئات الأخرى خارج نطاق دواوين الخدمة العاملة، خاصة وأن الدراسات قد أثبتت أن ولاية الخرطوم قد تجاوزت الأسر الفقيرة فيها (37%) رغم أنني أعتقد أن نسبة الفقر في (كرش السودان) قد تجاوزت (80%). ولكن بعيداً عن هذا الجدل البيزنطي، ألم تفكر دولتنا في الأسر الفقيرة التي لا تمتلك قوت يومها وليس لديها عمل ثابت، خاصة وأننا نعلم تماماً أن ديوان الزكاة لن ولم يكفي كل الفئات المجتمعية، وإن تمعنا في الواقع سنجد أن المستحقين الذين يتواجدون في ديوان الزكاة يومياً يعانون في تسلم نصيبهم، بعد أن دخلت تفاصيل كثيرة ومملة ومعروفة للقاصي والداني.
{ والميزانيات ترصد للإفطارات الجماعية في الشوارع والمساحات العامة، ولكن إن فكرنا قليلاً سنجد أن الأمر متاح للرجال فقط، فأين حواء وأولادها من هذا المكنون المالي الذي وضع من أجل الشهر الفضيل، هل يمكن أن تقود إمرأة عاجزة أولادها الصغار إلى الشوارع حتى تتمكن من سد الرمق في الشهر الفضيل؟ لذلك فإن القضية تتطلب أن نفكر سريعاً في إيجاد طريقة نتمكن من خلالها أن نغطي كل الأسر المنهارة مالياً من خلال بنك يسمى ببنك الصيام، تحت إشراف وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة المالية والولاية، يترأسه مجلس أمناء على رأسه المشير “سوار الذهب” وآخرون، لنتمكن من تفعيل الإجراءات بشكل صحيح لنسد الجوع ونقوم بالواجبات ولو لشهر واحد، ضم الرحمة والمغفرة والعتق من النار، ولتكن المبادرة معضدة بالحراك الشعبي واللجان الشعبية ومنظمات المجتمع المدني، وأن تضم معيناتها مساهمات رجال المال والأعمال وأصحاب الأيادي البيضاء حتى نكون جسماً جديداً بمشاركة أهل الوجعة ونضمن من خلاله استيعاب كل الشرائح المجتمعيه التي تقع تحت خط الفقر، ومن ثم نرفع الأكف لله أن يمن علينا نعمته ويمكننا من صيامه وقيامه.
{ ما نراه في الواقع والعراك والصفوف والسخط أمام الوزارات وديوان الزكاة وغيرها، يتطلب منا أن نفكر في إيجاد منافذ سريعة وسهلة، وبقليل من الحراك يمكن أن تصبح واقعاً وأن تشارك في معالجات كثير من الثغرات في هذا الشهر الفضيل الذي ينبغي أن يتم التعامل فيه بشكل مختلف حتى نضعها في ميزان حسناتنا جميعاً.
{ وزارة الشؤون الاجتماعية لا بد أن تعي أن الطرق البدائية التي تدير بها الوزارة في ما يختص بالمساعدة وتقديم المعونات لن تجدي، وعليه لا بد أن تضع خطوطاً واضحة من خلال عمل ممنهج ومدروس وإستراتيجي كبنك للصائم، يمكن أن يتقدم إليه كل فقراء البلاد، ومن ثم يغطي معظم الأسر المحتاجة ويساهم في استقرار مجتمعي مفيد.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية