نحن شعب مستهلك!!
– 1 –
{ قرار الرئيس “البشير” بإطلاق سراح الفريق “صلاح عبد الله” (قوش)، خطوة سياسية إيجابية في الاتجاه الصحيح، تساعد في إزالة (الاحتقان السياسي) داخل وخارج (المؤتمر الوطني)، فلا شك أن هناك أعداداً مقدرة من (الإسلاميين) وغيرهم، بمن فيهم قيادات وزعامات حزبية (معارضة)، تتعاطف مع الفريق “قوش” وعلى رأسهم الإمام “الصادق المهدي”.
{ غير أنني ضد (قبلنة) السياسة، فالأصل أن يكون للسياسي (الرمز) أنصار ومؤيدون من كافة بقاع وقبائل البلد – أي بلد – لا أن يكون ممثلاً أو ناطقاً باسم جهة أو قبيلة.
{ عظيم أن يتداعى أعيان ورموز محلية “مروي” للقاء السيد رئيس الجمهورية لمناشدته إطلاق سراح ابنهم الفريق “قوش”، ولكن لا ينبغي ولا يجوز أن تُجيّر القضية والمواقف تحت لافتات (شايقية) و(دناقلة) و(جعليين) و(محس).
{ حمداً لله على السلامة.. عزيزنا المهندس الفريق أول “صلاح قوش”.. ورمضان كريم.
– 2 –
{ تحول الشعب السوداني إلى شعب (استهلاكي) من الدرجة الأولى. أذهلني مشهد مئات السيارات وآلاف المواطنين يتكدسون على المحال التجارية والمطاعم والكافتريات عشية أول أيام رمضان!!
حركة المرور تسير ببطء من بحري وإلى شارع الوادي بالثورة، الذي تحول إلى شارع تجاري لا يعرف الهدوء، تطل عليه عدة أحياء راقية مثل (الروضة)، و(السكن الفاخر)، و(مدينة النيل) و(الواحة).
{ سألتُ نفسي، وأنا أتابع هذه الحركة (الدؤوبة) من وسط الخرطوم إلى أطراف أم درمان: من أين يأتي الناس بالمال؟! فالقوة الشرائية عالية، خاصة في (المطاعم) والكافتريات و(السوبر ماركت)!! هؤلاء ليسوا (10%) النسبة التي يحددها بعض المعارضين لتوصيف حالة (الفقر) التي تمتد إلى (90%) حسب آرائهم وليس دراساتهم!!
{ الأمر يحتاج إلى دراسة، وقبلها إلى متابعة بالنظر والتحليل، فحركة (العمران) الهائلة لا تتوقف في حدود أحياء “كافوري” و”الرياض” و”الطائف” و”الروضة” وغيرها من أحياء الدرجة (الأولى) الراقية، بل إن القصور والفيلات، وحتى البيوت الأرضية الجميلة، تنتشر في أطراف العاصمة من (أم بدات) إلى (الفتيحاب) ومربعاتها إلى أقاصي (الكلاكلات)، بل وحتى أرياف بحري وأم درمان..!!
{ السودانيون صاروا يأكلون ويشربون بشراهة، ويبنون أرقى البيوت، بحيث لا تجد مثيلاتها في “القاهرة” أو “جدة” أو “بيروت”، باستثناء قصور أمراء وشيوخ الخليج!! فعامة الناس في السعودية – مثلاً – يسكنون شققاً مساحاتها لا تتجاوز “مئتي متر”.. وعامة الناس في الخرطوم يقطنون منازل (مسلحة) بالسيخ والخرصانة، وأرضياتها من السراميك ومساحاتها من ثلاثمائة إلى (أربعمائة متر)!!
{ صحيح أن هناك فقراً مدقعاً يعاني منه ملايين البشر في السودان، وصحيح أن العلاج غال جداً، بل والأغلى في المنطقة العربية والأفريقية بشهادة منظمة الصحة العالمية، وقد نشرنا في (المجهر) تقرير إقليم شرق المتوسط.
{ وصحيح أيضاً أن الكثير من طلاب وطالبات الجامعات في الخرطوم، والولايات المقيمين في الداخليات (العامة) و(الخاصة)، يتعرضون لضغوط اقتصادية رهيبة، تقود إلى انحرافات أخلاقية كثيرة ومزعجة ومدمرة.
{ ولكن رغم هذا وذاك، يبقى السؤال مرفوعاً: من أين يحصل غالبية السودانيين على هذا المال المبذول بكثافة في محلات الأكل، والشرب، والسيخ والأسمنت والسراميك والأثاثات؟!!
{ نحن شعب (مستهلك)، فزراعتنا فاشلة، وصادراتنا الزراعية في العام (2012) أقل من صادراتنا في العام (2011) حسب تقرير وزير التجارة أمام البرلمان، وصادراتنا من الثروة الحيوانية أقل من (مليار) دولار، والبترولية بالكاد تكفي البلاد من البنزين، بينما نستورد الجازولين (بالدولار)!! ونستورد القمح.. ونستورد (أي حاجة)!!
{ السؤال ما زال مرفوعاً..!!