المدرب الوطني يقود الهلال
{ يبدو أن إدارة الهلال قد أمنت على المدرب الوطني واقتنعت أخيراً بالكوادر الوطنية في قياده الجهاز الفني للمرحلة القادمة، ورغم أن الطموحات الجماهيرية كانت راغبة في مدرب أجنبي يعيد الموازين في الدورة الثانية للممتاز؛ إلا أن الواضح في الشكل العام للخارطة الهلالية يبين أن “صلاح آدم” و”مجدي” كسلا هما من يقودان الأزرق.
{ ظل المدرب الوطني مظلوماً لفترة طويلة، خاصة في السنوات الأخيرة بعد الاجتياح الكبير للأجانب في السودان، إذ إن سقف الطموحات كان يؤمن على المدارس الأجنبية للاستفادة من الخبرات التي تعين أولادنا على تقديم عطاء مختلف يساعد الأندية في الروليت المحلي والخارجي، الأمر الذي دفع بالمدربين الوطنيين خارج الحلبة.
{ سنوات طوال والأجانب يعبثون بالرياضة في السودان وينهبون أموالنا ويغادرون دون أي بصمات تعين على البدايات الجديدة، لأن معظم المستجلبين من عطالى تلك الدولة والفاقد الفني والتربوي، والذي لعب فيهم السماسرة دوراً كبيراً في الدفع بهم في كشوفات الأندية السودانية، والنتيجة هذا التراجع الذي كلف أكبر نادي في البلاد الخروج باكراً من التنافس الأفريقي.
{ الغريب في الموضوع أن الأجنبي (أبوعيون خضر) تنفذ كل مطالبه وتوفر له كل سبل الراحة وتُهيأ له الأجواء المثالية للعمل، بالإضافة إلى المبالغ الضخمة التي يتم التعاقد عليها معهم لفترات حاملة لشروط جزائية تكلف خزينة النادي الملايين، ودونكم ما حدث للهلال مع المدرب البرازيلي “كامبوس” والآن “غارزيتو” وغيرهما كثر والحصاد لا شيء.
{ عدم الثقة التي نتعامل بها مع الوطنيين كلفت خزائن الأندية أموالاً طائلة صرفت على الأجانب والنتيجة خروج مذل في كل عام، لأن البون ما زال شاسعاً ما بين اللاعب والمدرب والطريقة التي يتبعها، بالإضافة إلى عامل الترجمة واللغة الذي أضحى إحدى العقبات التي تمنع استمرارية المدربين، مما يعني ضمنياً أن الأجنبي استفاد من السودان أكثر مما قدم.
{ نالت مصر العروس الأفريقية عدة مرات بطاقم وطني واقتطف الترجي ذات الكأس بنبيل معلول، وتربعت معظم الأندية العربية بكوادر محلية من ذات المناطق، لأن الثقة ممنوحة للأجهزة الوطنية الفنية، بالإضافة إلى الانتماء والولاء اللذين خلقا تحديات داخلية انعكست إيجاباً على شكل الفريق، وعلى مستوى المباريات التي شكلت تغييراً كبيراً من خلال بث الروح المعنوية والإحساس الكامل بعظمة المسئولية وأهمية المباراة والنتيجة التي ترجوها الجماهير، فكانت الانتصارات بطعم الشهد وبعزم الرجال وثبات الأبطال.
{ المدرب الأجنبي غالباً ما يتعامل بمفهوم أن اللاعب قد تدرج التدرج الطبيعي من المدارس السنية إلى الشباب ثم الفريق الأول، وهذا ما نفتقده في السودان، لأن اللاعب يمارس اللعبة بعد الخامسة عشرة من عمره، ولقد صدق الكوتش “الفاتح النقر” حينما قال إن هناك عدداً من اللاعبين في أندية القمة لم يتمكنوا حتى الآن من تمرير الباص بصورة صحيحة، ولا يعلمون الطريقة الصحيحة لتسديد ضربة الجزاء وغيرها، مما يشير إلى أن الحال يغني عن السؤال.
{ المشكلة الحقيقية في اللاعب السوداني وانعدام التوازن في استيعاب الطرق الحديثة التي يحاول المدرب الأجنبي عبثاً أن يشرحها للاستيعاب قبل المباريات، لأنه لا يعلم أن هؤلاء اللاعبين قد مارسوا اللعبة قبل سنتين أو ثلاث بالكثير.
{ “صلاح أحمد آدم” مدرب مختلف، ولعل نجاحات الكوتش مع هلال الجبال قد يمنحه الكرت الأخضر في التواجد ضمن منظومة الهلال، بالإضافة إلى نظرته الثاقبة في اختيار اللاعبين والنجاح الذي حققه من خلال مواهب صغيرة قدمت عطاءً جيداً في الدورة الأولى للممتاز.
{ المنطق يقول أن نرحب بـ”صلاح” و”كسلا” وأن نفتح الأبواب لهما من أجل تقديم خبرتهما للكيان خاصة وأن الفتره المتبقية لا تحتاج إلى مدرب أجنبي (يلهف) أموال الهلال ويغادر بلا نتيجة ولا حصاد، وعليه فلالوب بلدنا أولى بنا.
{ “صلاح” مثقف وشاطر وصاحب شخصية قوية، ويعرف كيف يسد الثغرات ويعالج السلبيات لو وجد الأجواء التي تعينه على النجاح، مما يعني أن نتضافر خلفه، وأن نعمل على مساندته حتى يتمكن من تحقيق المطلوب.
{ ثقتي كبيرة في المدرب الوطني وفي الكوتش “صلاح أحمد آدم” ومن بعده الكابتن “كسلا”، ويقيني أن عودة المدرجات ستتم على أياديهما خاصة وأنهما قريبان من البيت الهلالي، ويعلمان ما يدور فيه، وما يمكن أن تتم معالجته بمساعدة الجماهير نفسها.