شهادتي لله

اغتيال الديمقراطية في "مصر"!!

{ أمهلت القوات المسلحة (المصرية)، التي يقودها القائد العام وزير الدفاع الفريق أول “عبد الفتاح السيسي”، أمس (الاثنين)، جميع القوى السياسية في مصر، مدة (48) ساعة فقط للتوافق على حل لأزمة البلاد، وبالعدم فإنها ستتصدى – بحسب بيانها – لمسؤولياتها (التأريخية) في الاستجابة لمطالب الشعب بالإشراف على تنفيذ خارطة طريق تحديد مستقبل البلاد..!!
{ بيان القيادة العامة للجيش المصري شدد على ضرورة الاستجابة لما أسماها (مطالب الشعب)، لكنه لم يحدد أيَّ شعب يقصد؟ شعب (ميدان التحرير) أم الشعب الذي احتشد مناصراً للرئيس (المنتخب) “محمد مرسي” في ميدان (رابعة العدوية) وفي محيط (قصر الاتحادية) بمصر الجديدة، أم الشعب (الصامت) و(القرفان) الذي يلتزم مساكنه وأماكن عمله، والأخير هو (حزب الأغلبية) في مصر؟!
{ إذا كان الفريق “السيسي” يقصد مطالب الشعب المتظاهر في (ميدان التحرير)، فهذا يعني استقالة (الرئيس المنتخب) الدكتور “محمد مرسي”، ثم الاتفاق على (مجلس رئاسي) مؤقت – حسب رؤية وخطة حركة (تمرد) التي نظمت الاحتشاد – ثم الإعلان عن انتخابات (رئاسية) مبكرة.
{ أحد المتحدثين لبرنامج (بهدوء) الذي يقدمه الإعلامي الشهير “عماد الدين أديب” على شاشة قناة (C.B.C) الموجهة باستمرار ضد “مرسي”، قال: (إذا فاز “مرسي” في الانتخابات المبكرة القادمة فلن نسأله هذه المرة، حتى لو حكم مية سنة)!!
{ بصراحة، لديَّ رأي شخصي سالب في (طريقة) و(منهج) و(شخصية) الرئيس “مرسي” من خلال متابعة خطاباته ومؤتمراته الصحفية ولقاءاته العامة. وما يؤكد رأيي أنه لم يكن المرشح (الأول) لجماعة (الإخوان المسلمين) لانتخابات الرئاسة، بل كان مرشحهم النائب الأول للمرشد والرجل الأقوى والأذكى في الجماعة المهندس “خيرت الشاطر”، ولكن لجنة الانتخابات سحبت ترشيحه بسبب دعاوى قانونية.
{ غير أن (ضعف) أو خلل (منهج) وأسلوب عمل الدكتور “مرسي” لا يعني طعن الديمقراطية الوليدة في مقتل، بحجة الاستجابة لمطالب الشعب (المُختطف)!!
{ صندوق الانتخابات هو الحكم والفيصل في أي عملية انتخابية ديمقراطية راشدة، وليس التظاهرات والاعتصامات في (الميادين) وجمع (التوقيعات) المليونية كما فعلت حركة (تمرد).
{ خلال زيارتي للقاهرة مؤخراً، صادفت العديد من شباب (تمرد)، فتيان وفتيات يجوبون الشوارع والأسواق، يعطلون حركة المرور المتعسرة أصلاً في (وسط البلد)، بتقديم (فورمات) لسائقي السيارات يتم ملؤها بكتابة الاسم، ورقم البطاقة القومية، والتوقيع على المطالبة برحيل الرئيس “مرسي”!!
{ وإذا كان الرؤساء يتم عزلهم بهذه الطريقة، بعد (عام واحد) من انتخابهم ديمقراطياً عبر عملية طويلة ومعقدة وشفافة، بإشراف القضاء ومنظمات محلية ودولية، شهدت جميعاً بنزاهتها، علماً بأن الرئيس (المنتخب) لم يكن حاكماً خلال العملية الانتخابية، بل إن كل الظروف وبعض الحكام المؤقتين العسكريين والمدنيين والقوى الدولية والإقليمية كانت تسعى كلها لإسقاطه.. فإنه لا فائدة إذن، ولا رجاء، ولا معنى للمطالبة والحديث عن (الديمقراطية)!!
{ ليس هناك أي نص (دستوري) سابق أو حالي يخول للجيش (المصري) التدخل، وفرض (وصايته) على رئيس منتخب، كان (المجلس العسكري) السابق – والفريق “السيسي” عضو فيه – الجهة السيادية العليا التي أقرت بسلامة إجراءات انتخابه، فسلمته السلطة من بعد ذلك!!
{ بيان الجيش المصري يتحدث عن (المسؤوليات التأريخية)، ولم يتحدث عن نصوص (قانونية) و(دستورية) تكفل له التدخل، وقطع الطريق على دورة الرئيس “مرسي”.
{ ما يحدث في مصر – الآن – هو (عملية اغتيال) للديمقراطية مع سبق الإصرار والترصد، والأغرب أن الشركاء في هذا المخطط قوى علمانية وقومية (ليبرالية)، وأخرى (عسكرية شمولية)، اتفقت على الإطاحة بحكم (الإخوان) وطعن (أول) تجربة ديمقراطية في أكبر دول عربية، تحت ستار (مطالب الشعب)!!
{ والشعب من مصر إلى السودان بريء براءة الذئب من دم ابن يعقوب.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية