(قحت) تسابق الزمن لـ(كلفتة) اتفاق نهائي وتشكيل حكومة (حزبية) !
لماذا تصر قوى الحرية على تأسيس جهاز أمن جديد في عهد الديمقراطية والعدالة؟
إعلان المتحدث باسم العملية السياسية القيادي بقوى الحرية والتغيير – المجلس المركزي “خالد عمر” مواقيت توقيع الاتفاق النهائي والدستور الانتقالي وتشكيل الحكومة، في الأول والسادس والحادي عشر من أبريل المقبل على التوالي، قبل تكوين الآلية السياسية التي تضم القوى الموقعة وغير الموقعة على الاتفاق الإطاري، حسب مخرجات اجتماع القصر الأربعاء الماضي، هو بالتأكيد قفز على المراحل، وتجاوز بل استهتار بالقوى غير الموقعة (المُتفق عليها) التي اجتمعت بها الآلية الثلاثية، تنفيذاً لمخرجات اجتماع الأربعاء (الاتحادي الأصل، حركة تحرير السودان”مناوي”، حركة العدل والمساواة كممثلين للكتلة الديمقراطية، والدكتور التجاني السيسي رئيس كتلة الحراك الوطني).
يبدو واضحاً أن المجلس المركزي يسابق الزمن بأنفاس متقطعة لتشكيل حكومة (حزبية) برئيس وزراء ورأس دولة من عضويته، ومن بعد ذلك كل القضايا تهون، (سنعبر وننتصر) !
لكن مجريات الأحداث لا تشير إلى أن قيادة القوات المسلحة يمكنها تمرير مخطط (الكلفتة) و(دفن الليل أب كراعاً بره) لتواجه الطامة، بغضب الجيش وإغلاق الشرق والغرب والشمال ودخول البلاد في نفق مظلم جديد، لن يعبره بالتأكيد مرشح المجلس المركزي لرئاسة الوزراء وكل الأسماء المطروحة على شاكلة “حمدوك” بل أسوأ وأضعف وأضل !!
كيف تمضي العملية السياسية إلى نهاياتها بهذا التعجل المريب، قبل أن يستصحب الاتفاق المزمع توقيعه في الأول من أبريل تحفظات مهمة وتعديلات ضرورية على الاتفاق الإطاري، نادت بها القوى الأخرى خارج المجلس المركزي، أهمها : تحديد هوية الدولة، عدم القطع بطبيعة نظام الحكم (جمهورية رئاسية أم برلمانية أم مختلطة قبل المؤتمر الدستوري أو البرلمان المنتخب)، إلغاء مقترح تكوين جهاز جديد للأمن الداخلي، تعديل اختيار قادة الأجهزة العدلية (رئيس القضاء ونوابه، النائب العام ومساعدوه وقضاة المحكمة الدستورية) بواسطة مجلس عدلي يعيّنه رئيس الوزراء، بينما الصحيح قانوناً أنها مهام مجلسي القضاء العالي والنيابة العامة ،ثم تحديد الجهة التي يحق لها اختيار رئيس الوزراء ورأس الدولة بحيث تشمل جميع الموقعين على الاتفاق النهائي.
فلا منطق للمناداة بتأسيس جهاز للأمن الداخلي يتبع لوزارة الداخلية، ليضم آلاف الضباط والجنود بميزانية جديدة تثقل كاهل الدولة المثقل أصلاً بميزانية القطاع الأمني والعسكري الذي يمثل بند الصرف الأول في هذه الدولة الفقيرة المتعسرة مالياً التي تعجز حتى اليوم (20 مارس) عن سداد مرتبات العاملين في الدولة بالكثير من مؤسسات الخدمة المدنية !!
ثم أن المرحلة القادمة من عمر السودان هي مرحلة حريات عامة وديمقراطية تعددية، يسود عليها حكم العدالة ويعلو القانون، فكيف تسعى فيها قوى الحرية والتغيير إلى استحداث جهاز أمن جديد، بينما تم الإقرار في الوثيقة الدستورية لعام 2019 على تقليص صلاحيات جهاز المخابرات العامة وحصرها في المتابعة وجمع المعلومات ورفعها لقيادة الدولة.
تسعى قوى الحرية إلى تفكيك المنظومة الأمنية وإضعاف أحد أهم وأقوى جهاز مخابرات في أفريقيا (جهاز المخابرات السوداني)، وفي ذات الوقت تحرص في مفارقة مبدئية على تأسيس جهاز أمني جديد !!
لا منطق يسند هذا المقترح إلاّ إذا كانت (قحت) تريده جهازاً قمعياً خاصاً بها ، لملاحقة وضرب خصومها السياسيين، لا جهازاً مهنياً معنياً بمشاغل الدولة في تأمين وحماية البلاد.
إن تراتبية العملية السياسية تفرض تشكيل الآلية السياسية للموقعين وغير الموقعين على الإطاري، ثم التوافق على قضايا الاتفاق النهائي ثم تكوين لجنة الصياغة، ولكن (قحت) مع قيادة الدعم السريع تسير بطريقة عكسية، حيث شكلت لجنة للصياغة من (11) عضواً قبل قيام الآلية الجامعة للقوى الموقعة وغير الموقعة المتفق عليها.
لا يمكن لهذا القطار أن يبلغ، بهذا المسار، محطته الأخيرة.