رأي

التغيير.. التغيير!!

كل الصحف اهتمت بما ورد في تصريح الأمين العام للحركة الإسلامية، خاصة الجزء الذي قال فيه إن الحركة الإسلامية تسعى للتغيير.. ولم توضح ماذا يقصد بهذا التغيير.. هل هو التغيير في الأشخاص أم المناصب ومسمياتها؟ لكنه على أي حال أي حديث يستحق الوقفة والتعليق. وإذا ربطنا بين التصريح والاستعدادات التي تجري الآن لإجراء تغيير وزاري، فإننا قد نفهم أن هذا التغيير مقصود به الوزراء لا سيما الذين قضوا فترات طويلة في الوزارة حتى لو كانت لديهم إنجازات لأن التغيير يحدد الدماء والأفكار.
وأنا تابعت التصريح، وكان كله حول أهمية التغيير حتى في الأفكار والانفتاح على الجماعات الأخرى حتى لو كانت تنتمي لأديان أخرى، وأن الدولة بحاجة لانطلاقة جديدة.. حديثه عن الانطلاقة الحديدة يذكرني بما حدث في الصين أواخر الستينيات عندما أطلق الرئيس الصيني “ماوتسي تونغ” الثورة الثقافية لتجديد دماء الثورة، وفيها تم عزل كثيرين من المقاعد القيادية.
أهم ما في هذا التصريح أن وضع كل ذلك تحت عنوان (التغيير)، مما يشير إلى قرب حدوث تغيير بالطريقة الصينية في ثورتها الثقافية أواسط الستينيات. لقد لاحظ “ماو” أن البعض أصبح العمل العام لديهم مجرد روتين اعتادوه، ولم يعودوا يعملون بحماس كما هو الحال في سنوات الثورة الأولى، وتلا ذلك عمل مكثف في طباعة المئات من كتب الزعيم وأفكاره وجرى توزيعها بكثافة، وأقيمت حلقات حولها.. فهل الأمين العام يقصد شيئاً من ذلك؟!
مهما يكن الأمر، فنحن بحاجة إلى من يذكرنا أن هذه الثورة إسلامية، وأنها ترفع شعارات إسلامية بعكس الثورة الصينية ذات الأفكار الوضعية، والإسلام وضع مبادئ عامة يمكن تحويلها إلى برامج عمل للجماعات المختلفة، والإسلام تعاليمه محصورة في القرآن والسنة النبوية وأقوال المفسرين والفقهاء، ولا تحتاج الكتب الإسلامية إلى إعادة طباعة وتوزيع، فهي كتب قديمة اللهم إلا إذا ظهر تفسير جديد لبعض الآيات استناداً إلى التطورات العلمية.
المطلوب أن يكون العمل ملبياً لحاجة المجتمع ومطالبه، وأن يتغير مفهوم العمل العام بأن يكون الوزير في ميدان العمل.. في مجال الاقتصاد مثلاً، لا نريد من يستطيع إلقاء محاضرات في الاقتصاد الإسلامي، بل من ينزل إلى الميدان مطبقاً الأفكار على أن تكون حوله مجموعة من القيادات المعاونة لها خلفية في الاقتصاد. ولابد من ظهور قيادات أخرى في الإذاعة والتلفزيون بديلاً لهذه القيادات التي شاخت أفكارها، وأن تكون لهذه القيادات أفكار حول كيفية تطوير البرامج، فنحن كنا في الماضي ننتج المسلسلات والآن لا نستطيع، بل نسينا ذلك، لأن هناك من يخاف من الدراما.
ونفس الأمر ينطبق حول التعليم والمناهج، فالمطلوب هنا عقليات تفكر قبل أن تتحدث، ولا تركز على البلاغة وتجميل الكلام بالمحسنات البديعية.. والمطلوب تغيير توجه التعليم من التركيز على العلوم النظرية إلى العلوم التطبيقية العملية، فنحن في عصر العلم التجريبي والكمبيوتر.
وقد تخلفنا في الرياضة بعد أن كنا في طليعة الدول الإفريقية، وتقدمت علينا دول حديثة الاستقلال لأنها انتهجت الطريق العلمي الصحيح، والمطلوب قيادات جديدة للشباب والرياضة بأفكار جديدة تعيدنا إلى المركز القيادي في كرة القدم وكل أنواع الرياضة التي أهملناها طويلاً.
{ سؤال غير خبيث
أين كان مركزنا في كرة عام 1970م وأين أصبحنا الآن؟!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية