كل القوة !!
{ تثاقلت خطى كثيرين عن “أبو كرشولا” حينما اجتاحتها مليشيات الجبهة الثورية.. ولم يغبر دعاة المواجهة أقدامهم بتراب “الدندور” ويفتحوا خزائن أموالهم تبرعاً لضحايا نزاع هم ينفخون في (كيره) ويحرضون عليه ويبتهجون ويرقصون حينما يصبح الرهان على البندقية “غالباً وراجحاً وحتمياً”!
{ الأديب السعودي “هاني نقشبندي” في روايته الصادرة العام الماضي والمحظورة في نصف البلدان العربية وربما السودان من تلك الدول، وهي بعنوان (نصف مواطن محترم) تصدر روايته بتقديم قال إن جده عندما كان هو صغير حدثه أن الوطن ملك الجميع، وأنه أيضاً أكبر من الجميع، وعندما كبرت وجدت الوطن قد أصبح قطعة أرض يريد كل واحد امتلاك جزء منها .. لقد أصبح الوطن ملكاً للجميع بالفعل، كما قال جدي لكنه لم يعد أكبر من الجميع!!. ولم ألتق جدي يوماً فقد مات قبل ولادتي.
والوطن الذي نغني وترقص كلماتنا حباً له متى نضحي من أجله ولماذا أكثرنا ادعاءً بحبه أقلنا تضحية من أجله.. وفي ملحمة “أبو كرشولا” كان “الزبير بشير” في قلب المعركة قبل “الطيب مصطفى” و”أحمد هارون” الذي (يدمغونه) بالانبطاح يعقد مجلساً لوزراء حكومته في “أبوكرشولا” قبل نظافة شوارع المدينة من (قسطير) المعركة وبقايا الرصاص.. ومليار جنيه من خزينة حكومته يضعها حافزاً لأسود المعركة.. وأشياء أخرى.
{ واليوم “كادقلي” تشهد تدافعاً لأبناء السودان الرياضيين والمجاهدين بحق لا أدعياء الوطنية.. من تجار العقارات والأثاثات الذين نعمت وجوههم نعمة السلطة والجاه الجديد.. و”كادقلي” تشهد فعاليات دورة سيكافا لأندية شرق ووسط أفريقيا .. والجبهة الثورية أعلنت التحدي بالحيلولة دون قيام الدورة واجتياح “كادقلي” في رابعة النهار الأغر واحتلالها وإعلان السيطرة على عاصمة جبال النوبة.. والمخذلون في الخرطوم ممن يمتطون سيارات الحزب الحاكم وينعمون بفيض حسناته يجرجرون الأقدام ولا يمتطون الفارهات قاصدين “كادقلي” ليخلعون الجلاليب البيضاء، ويستعيرون من “الزبير بشير” و”الضو الماحي” و”محمد صلاح الدين” رئيس اتحاد الطلاب السودانيين الكاكي لمهمة الدفاع عن “كادقلي” وتحدي الجبهة الثورية التي إذا أصبحت تحدد للحكومة أجندتها اليومية، فلتذهب الإنقاذ ولن يذرف عليها أحد دمعة في عز الليل.
{ الجبهة الثورية أعلنت تحديها بالسيطرة على “كادقلي” اليوم.. وستجدنا بأقلامنا وأرواحنا ومشاعرنا نحو مدينة عزيزة علينا في قلب نشرب القهوة في سوق (كلمو) ..ونستريح من رهق الرحلة مع أولاد “عمر الخليفة” في حي السوق ونمضي جزءاً من الليل مع المجاهد الفارس “تاور المأمون” ونصلي الصبح مع العقيد “كافي طيارة البدين”..ونبحث عن مقعد منذ وقت مبكر في إستاد كادقلي الجديد لمباراة الافتتاح ولتمطر السماء صواريخ (كايتوشا) وراجمات .. لأن خيارنا السلام والمحبة والحوار، أما أخوان (مجاهدي) الحرب فقد شغلتهم عن “كادقلي” غنائم صفقات يتم توقيعها في السلام روتانا مع رجال أعمال ماليزيين… وربما يتوجه بعضهم إلى دول نفطية عربية لإبرام اتفاقيات لاستيراد جازولين لأنهم حريصون على استقرار الخرطوم وأمنها !!
شكراً للأقدار التي عرفتنا مقامات الرجال وكشفت معادن الذين لا يولون يوم الفزع ومن (يدفنون) الرؤوس تحت مقاعد السيارات الفارهة حينما يدعوهم الوطن للذود عنه .. ولكنهم يا سادتي شجعان على صفحات الورق تفيض تعابيرهم بكل مستقبح من مفردات اللغة، ولكنهم عن “كادقلي” مدبرون غير مقبلين!