أخبار

مبدعُو السودان .. أزمة تسويق!!

{ في بلادي.. ثمَّة (خطأ كبير) وقعت فيها كل الأنظمة.. الديمقراطيَّة منها والشموليَّة.. ولا أعرف هل سببه (عدم عرفة) أم (تجاهل) لنفس في نفس يعقوب!!
{ في كلِّ العالم تجتهدُ الحكومات وتحتفي لاستخراج المواهب.. وصقلها.. ثم (تسويقها) أو (فرضها) على كل الشعوب.. باستخدام مختلف الطرق!!
{ خذوا مثالاً المصريين.. كلنا نعرف أمير الشعراء “أحمد شوقي”.. لكن دعوني أسألكم.. من الذي نصَّبه أميراً للشعراء العرب؟!
{ إن كنتم تعلمون أذكركم.. وإن لم تعلموا أخبركم: ليس هناك (لقب رسمي) اسمه (أمير الشعراء) تمنحه إحدى الأكاديميَّات أو الجامعات!! وليس ثمَّة استفتاء تمَّ من أيِّ جهة أو مؤسَّسة لمنح هذا اللقب!! وكلُّ ما في الأمر أنَّ (مجموعة) – وليس (كل الشعراء) العرب كما يحاول البعض تزييف التاريخ – قدمت (بترتيب مصري) إلى “شوقي”، وجلست إليه (جلسة أهليَّة) وقالت له: لقد اخترناك أميراً للشعراء!! ثم تولت الآلة الإعلاميَّة المصريَّة (الشاطرة) باقي الأمر!! ثمَّ سلم الناس بأنَّ “شوقي” أمير الشعراء.. مثلما “أم كلثوم” سيدة الغناء العربي و”فريد شوقي” وحش الشاشة العربيَّة و… و…!! إنّها دولة تعرف كيف ترعى ثمَّ تسوِّق مبدعيها وتفرضهم على العالم أجمع!!
{ ينجحون في تسويق “أحمد شوقي”، بينما يظلُّ شاعرٌ سوداني في قامة وموهبة “التجاني يوسف بشير” – كمثال واحد – مجهولاً لدى شعوب الأرض الناطقة بالعربيَّة.. لا يعرفه إلا قلة من المثقفين باجتهادهم (الشخصي)!!
{ وفي الغناء نفشل في تقديم (صوت واحد) يأخذ بآذان العرب.. رغم ثراء غنائنا – (كلمات وصوتاً وموسيقى) – وليس العيب في (سلمنا الموسيقي) كما يتوهَّم البعض.. بل في (سلم أولويَّاتنا) المعكوس.. الذي يقود – دائماً – إلى أسفل!!
{ خذوا الراحل “محمود عبد العزيز” كمثال.. كلُّ خبراء الصوت أجمعوا على أنَّ حنجرته (خرافيَّة).. وكان – رحمه الله – مشروع فنان نستطيع أن نفرضه على الأمَّة العربيَّة.. بل على العالم.. لو تعهدته الدولة برعايتها وسوَّقته كما يجب!!
{ وفي الدراماً.. أنا وغيري نعلم أنَّ لدينا ممثلين أفضل من كثيرين يزحمون الشاشات العربيَّة.. بل لدينا (فلتات) مثل المبدع “الهادي الصديق” الذي أحسب أنه (مشروع ممثل عالمي).. لكنه للأسف ضحيَّة أيضاً لـ (عدم العرفة) التي تسيطر على من يُفترض أنهم رعاة للإبداع في السودان!!
{ وفي الأدب والرواية لدينا فرسان كلمة لا يُشقُّ لهم غبار.. ولا يعيبهم إلا أنَّ إبداعهم تفتق في بلاد لا تعرف كيف تهتم بالمبدعين!! ويقيني أنه حتى “الطيب صالح”.. لم يكن له أن يجد ما وجد من الاحتفاء العالمي.. لو لم يسوِّق نفسه بنفسه!! ولو كانت شهرته مبعثها اهتمام الدولة.. لخرَّجت العشرات غيره!! 
{ أمَّا المناسبة التي بسببها نرشُّ هذا (الملح) في (جرح) مبدعينا.. فهي الذكرى العاشرة لرحيل العلامة البروفيسور “عبد الله الطيب”.. الذي فرض نفسه (فرديَّاً) ليكون علماً على رأسه (نار).. لم تنطفئ لأنه ظل ينفخ فيها.. ويحفظها – باجتهاده الشخصي – من عواصف الإهمال الرسمي واللا مبالاة و(عدم العرفة)!!
{ آخر محطة
أنت مبدع؟! مكانك ليس (السودان)!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية