الشيخ / مهدي ابراهيم يكتب :
عن الحركة الاسلامية والمؤتمر الوطني .. الناس كلهم اتفقوا .. ‼️
قالها بعضهم من قبل، وما يزالون؛ وقالها بعض من أولئك فجاجة، وجهالة، وقالها آخرون حقدا، وتشفيا، وعمالة، وكيدا ومكرا، بل عتوا، وعلوا، واستكبارا؛ غير أن بعضهم عاد ليرددها، بعد عامين ونصف، تكشفت خلالهما الحقائق، وتوفرت لكل وطني صادق يتأمل الوقائع، واستبانت لكل ذي بصيرة، سبيل الرشد والسداد. قال أولئك :
( الناس كلهم اتفقوا أن المؤتمر الوطني، ما يشارك في هذه المرحلة ) ؟!!
من هم أولئك “الناس” الذين قالوا ذلك، ومتي، وأين، وهل حقا كلهم ؟!!
(كبرت كلمة تخرج من أفواههم، إن يقولون إلا كذبا). الكهف
أليس أولئك “الناس” الذين ابتدروا ذلك القول، هم (الشيوعيون الإنقلابيون) عقيدة وممارسة، من قبل، ومن بعد ؟!!
اليسوا هم (البعثيون الإنقلابيون) عقيدة وممارسة، من قبل، ومن بعد ؟!!
أليسوا هم (الناصريون الإنقلابيون) علي مدي السبعين عاما الماضية، في المنطقة العربية المبتلاة ؟!!
أليسوا هم (الجمهوريون) جماعة محمود، رسول الرسالة الثانية، القادمون من الغرب تكليفا بهذه المهمة ؟!!
أليسوا هم (العلمانيون المعادون للإسلام) في الحياة العامة، وفي أجهزة الدولة كافة ؟!!
أليسوا هم (المثليون) الذين ميراثهم عبر القرون، ( أخرجوا ال لوط من قريتكم “إنهم أناس يتطهرون” ) ؟!!
أليسوا هم (بعض الشباب الغض) المتطلع للأفضل لوطنه، الذين أوقعتهم قلة المعلومات والتجارب، فريسة سهلة لخداع وتضليل، أولئك المرجفين الأفاكين؟!!
* ألم تكشف الأيام، بعد عامين ونصف، من سقوط حكم الإنقاذ،
كذب وافتراءات تلك ألفئات، بل وخيانتها للمبادئ، والشعارات، والرايات، والهتافات التي نادت بها الجماهير والشباب، إبان حراك “الثورة” ؟!!
* ألم يتضح بعد، لذوي “الرشد والعقول” أن تلك الحملات الشيطانية المسعورة، غير المسبوقة في تاريخ السودان، لشيطنة، ودمغ، وتشويه المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية، لم تكن لإسقاط حكومته فحسب، وإنما لإبعاد وإقصاء كليهما عن مسرح الحياة عامة، وعن العمل السياسي جملة، بل وأنها كانت مصممة ومعبأة خارجيا، ومسنودة دوليا، مباشرة من الدوائر الإستخبارية الأجنبية، والجهات الإستعمارية، علي أيدي وكلائها في المنطقة، وعبر ربائبها المحليين، ومن حملة الجنسيات الأجنبية، القادمين من الغرب، المتربص أبدا بالإسلام، وبالمنطقة، والوطن، ومن الذين تسلقوا علي أكتاف، وفوق رؤوس الجميع، باسم الشهداء والجماهير، تحت عباءة (قحط) حكومة وحاضنة، ليتحكموا في حاضر ومصائر البلاد ؟!!
أليس أولئك “ألناس” بقيادة لصوص الثورات ( عصابة الأربعة ) وحاضنتهم، هم الذين أذاقوا هذا الشعب وشبابه من ويلات العذاب الأدني والأكبر؛ جوعا وفقرا، وغلاء فاحشا وضيقا، وفصلا تشريدا، ومصادرات وتشفيا، ومعاناة ونكدا، وإذلالا وهوانا ؟!!
أليس أولئك “الناس” هم الذين
تآمروا مع سفيري بريطانيا وألمانيا، علي تبني مشروع التمكين، للغرب الصليبي الصهيوني في السودان، بطلب من رئيس وزراء (حكومة الثورة) في ظل تغييب كامل للمجلس السيادي ورئيسه، والأحزاب السودانية، ولمكونات الوطن الأهلية، والمجتمعية، والشعبية عامة ؟!!
أليسوا هم من يتلقون الرواتب الدولارية بلا حياء ولا كرامة، من الإتحاد الأوربي، ثمنا بخسا ومهينا، من أجل استقبال ممثلي اليونتامس، التي تتخفي تحت غلالتها الرقيقة، دول الهيمنة الغربية، التي توشك طلائعها، أن تنزل قريبا، بأرض هذا الوطن المستباح ؟!!
أليس هؤلاء “الناس” هم من أثبتوا عجزهم، وفشلهم، وتفريطهم في أمن الوطن، ومصالح مواطنيه، وفي استقرار البلاد واستقلالها، دون أن يستطيعوا حتي بناء مدرسة واحدة، أو مركز صحي، أو محطة للمياه أو الكهرباء، أو طريق، أو جسر، أو نفق، بل عجزوا حتي عن صيانتها ؟!!
أليس هؤلاء ” الناس” هم الذين
ما زالت ألسنتهم تقذف بالبذاءات قواتنا المسلحة، والدعم السريع، والشرطة، والأمن بساقط القول، وقبيح الإتهامات، ودنيئ الإشارات، في كل مناسبة، وفي كل مكان ؟!!
* إذا كان كل ذلك، ومثله كثير، قد وقع بأفعال أولئك “الناس” فما الذي أهلهم ليقدموا “دروسا” لهذا الشعب المعلم، وليكون قولهم فوق الرؤوس، يستجاب له، ويؤخذ به، بل ويقوم بيننا من يردده رؤوس الأشهاد ؟!!
* السؤال المشروع هنا، ما الذي يؤهل أولئك “الناس” بعد أهوال كل تلك الأفاعيل الشيطانية، الضارة بالوطن ومواطنيه، للجلوس في مقدمة الصفوف، وعلي صدر موائد الحوار الوطني، حول الشأن السوداني، بينما يشار بحرمان المؤتمر الوطني، أو الحركة الإسلامية، أو غيرهما، من المكونات الوطنية، عن المشاركة بالفكر، والخبرة، والتجربة، والعلم، والفهم، والرأي، في تلك الحوارات، المتعلقة بحاضر ومستقبل وطنهم السودان؟!!
وهنا يقفز السؤال الأخطر،
* إذا كان إنقلاب الإنقاذ، علي الحكومة المنتخبة، دون الوقوف عند حيثياته، هو السبب والعامل الحاسم في محاسبتها، (دون غيرها) والزج بقياداتها، في السجون والمعتقلات، آمادا بلا نهايات، بل ومصادرتها، ومطاردة، وفصل، وتشريد، آلاف من عضويتها، خارج أطر القانون والقضاء، مع المضي قدما في ممارسة إقصائها وعزلها، فقد سبقها لهذه “الفعلة النكراء” إخوة لها في حزب الأمة التاريخي، بقيامهم بأول إنقلاب علي الحكومة المدنية البرلمانية، في السودان، حيث أنهم “سنوا تلك السنة” علي يد رئيس وزرائهم، السيد عبدالله خليل، حيث جاءوا بالفريق إبراهيم عبود ورفاقه، في المجلس العسكري لقيادة البلاد، عام ١٩٥٨م، وبارك ذلك السيدان، عبدالرحمن المهدي، وعلي الميرغني !!!
ثم تلاهم في تعزيز وترسيخ “تلك السنة” تحالف الشيوعيين، والناصريين، والبعثيين، الذين تآمروا مع العقيد جعفر محمد النميري حينها، بالإنقلاب عام ١٩٦٩م علي الحكومة البرلمانية المؤتلفة، بين حزبي الإتحادي والأمة، بزعامة الرئيس إسماعيل الأزهري، رئيسا لمجلس السيادة، والسيد محمد أحمد محجوب، رئيسا لمجلس الوزراء !!!
في ضوء هذه الحقائق والوقائع،
المعلومة والثابت تاريخيا، وبعيدا عن المغالطات، والتهويل، والمبالغات، يرد السؤال التالي :
هل جري إقصاء فعلي لأي من تلك الأحزاب، أو حرمانها من المشاركة، في الحياة السياسية العامة، أو من لقاء المسؤولين في الدولة، أو من مجالس النصح والرأي، أو في الحوارات الوطنية، علما أن تلك الأحزاب هي التي شرعت وأسست، لقيام الإنقلابات، ولترسيخها في السودان؛ بدءا بحزب الأمة التاريخي، ومرورا بالحزب الشيوعي، والناصري، وحزب البعث، إلي أن جاء إنقلاب الإنقاذ ؟!!
أليس أولئك “الناس” الذين يتخذون هذا الموقف (العدواني
الإستثنائي) تجاه المؤتمر الوطني، والحركة الإسلامية، يتجاوزون التاريخ، والعدل، ولا يستقيمون علي معيار الحق ؟!!
* مفهوم ألا يشارك المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية، في أجهزة الحكم الإنتقالية، وقد أكدوا هم ذلك مرارا، وبادروا به، من قبل، ولا يزالون عليه !!!
* غير أنه في هذا السياق، ولعله من باب الأمانة، والحق، والصدق، والمصارحة، تقفز عدة تساؤلات وقضايا جادة :
من الذي يسائل ويحاكم هؤلاء “القحاتة” الذين ظلوا بعد اختطافهم للسلطة
يحتكرونها، ويتحكمون في رقاب المواطنين، وفي ثروات البلاد ومصائر الوطن، منذ سقوط حكم الإنقاذ. وقد عاثوا في البلاد فسادا ماليا، وإداريا، وولغوا في الأموال، والبيوت، والأراضي والعقارات، والسيارات، وتفننوا في ألاعيب الإبتزاز، وتهريب الذهب والعملات، وفي شتي صنوف القهر والظلم للعباد عامة، والخصوم خاصة، بلا حدود، وبلا مساءلة، وبلا رادع، منذ تجميدهم للمحكمة الدستورية، وفصلهم للقضاة، والنواب العامين، علي رأسهم رئيس القضاء، والنائب العام، لاحقا ؟!!* وفي هذا السياق أيضا، تأتي قضية المحكمة الجنائية، التي تتهافت حكومة قحط للتقرب بها إلي أوربا، بتسليم قادة النظام السابق، دون مراعاة لأن ذلك يمثل إدانة للقضاء السوداني، المشهود له بالكفاءة والنزاهة، في المنطقة كافة، وإدانة للدولة السودانية المستقلة، ذات السيادة علي أرضها، وشعبها، وثرواتها، وقرارها، وإدانة وإهانة للقوات المسلحة السودانية، والأجهزة الأمنية النظامية كافة، بمحاكمة قادتها السابقين، وربما الحاليين، واللاحقين، فضلا عن أن ذلك يعتبر خروجا علي ما انتهي إليه موقف الإتحاد الأفريقي، الذي تبين له أن المحكمة الجنائية الأوربية، أداة استعمارية لقهر وتشويه، وابتزاز قادة القارة السمراء، للسماح للمصالح الغربية، بمواصلة نهب ثروات أفريقيا، والتحكم في مصائرها، وكفي بذلك عارا، وإهانة لها، تحمل قحط السودان وزر انتهاكه، وفضلا عن أن أمريكا، والصين، وروسيا، وهم أصحاب فيتو في مجلس الأمن، ليسوا أعضاء فيها، وأن الهند بثقلها وإسرائيل بادعاءاتها، ليستا فيها، وأن السودان، وعديد من بلدان القارة والعالم، لم يصادقوا علي ميثاقها !!!
وفي هذا السياق، المتصل بالمحكمة الجنائية تبرز أسئلة وقضايا أخري، تتعلق بإخوتنا في الحركات المسلحة، التي قادت تمردا متطاولا، ضد الدولة، حملت فيه السلاح، بدءا من الجنوب في خمسينات القرن الماضي، ثم في دارفور، وجنوب كردفان، والنيل الأزرق، والشرق، حيث كان ظهورها الأبرز، مع ثورة أكتوبر عام ١٩٦٤م.
ولا جدال اليوم، أن الأحزاب، والحركات، والمكونات السودانية، السياسية والمجتمعية، والأهلية، والطوائف الدينية، والسودانيين عامة، لا يجهلون ما ارتكبته كثير من الحركات المسلحة، من قتل، وجراح، واغتصاب، ونهب، وحرق للمنازل، وقتال ضد القوات المسلحة السودانية، والأمنية النظامية الأخري، ولا يجهلون ما ترتب علي ذلك، من خراب ودمار للمنشآت الوطنية، والإستقرار، وتشويه صورة السودان، إقليميا ودوليا، كما لم يغب عن إدراكهم للحظة، أن تلك الحركات استعانت في مراحل مختلفة، بالإستخبارات الأجنبية، الإقليمية والدولية، وأنها تلقت أموالا خارجية، وأنها نسقت واستعانت بقوات الحركة الشعبية لتحرير السودان، الجنوبية والشمالية، وببعض دول الجوار، وبإسرائيل، لتستقوي بهم علي الوطن، وعلي سائر قواته المسلحة والنظامية ؟!!
فإذا كان الأمر كذلك، ما هو إذا المبدأ القانوني، والمعيار الموضوعي، والأخلاقي، والشرعي، والوطني، الذي تتعامل به (حكومة قحت وحواضنها) في المحاسبة، والمساءلة، وفي الثواب والعقاب، لكل تلك الجهات، وما وقع منها في صراعاتها واشتباكاتها الداخلية، واستعاناتها الخارجية، علما أن ذهاب أي طرف للمحكمة الجنائيةالأوربية، سيفتح تلك الملفات الجهنمية كافة، ويجرجر علي نحو مهين، قادة الحكومة، والحركات، وربما قادة بعض الأحزاب، وقادة الأجهزة العسكرية، والشرطية، والنظامية، والأمنية؛ فلمصلحة من تتقاذف الأطراف السودانية تلك الإتهامات، وتقوم بتلك المكايدات والمناورات، والتكتيكات، والوطن كله مستهدف ؟!!
هذا سؤال ينبغي أن يكون جوهريا، أمام كل القوي، والمكونات، والتشكيلات !!!
هل قامت حكومة (قحط) وحواضنها، والحركات المسلحة وتشكيلاتها، والقوي الوطنية والإسلامية وتنظيماتها، والمجتمع الأهلي، والطوائف الدينية ومكوناتها، والقوات المسلحة السودانية، مع الأجهزة الأمنية النظامية كافة، بمراجعات فردية وجماعية، فاحصة وجادة، للتأكد من أن عواقب ومآلات، هذه القضايا الشائكة، في ظل فخاخها المنصوبة بمكر وعناية، والتاكد من مدي استعداد أي منهم، أو بعضهم، أو كلهم للغوص في أوحال تلك المستنقعات المسمومة، وخروج الوطن المستهدف منها بسلام ووئام !!!
* في ضوء ما سبق، ينبغي فهم وقبول (مبدأ المحاسبة) لكل من تثبت إدانته، (أمام القضاء) لفعل جنائي، أو فساد مالي أو إداري، ولكن ليس باتهامات عشوائية جزافية، ولا بأحكام غيابية، تصدرها لجنة حزبية، استهلكتها الأحقاد والخصومات السياسية، واستهواها السعي الأخرق، من أجل بطولات مسرحية وهمية، عبر التشهير المسموم للأبرياء، في الإعلام والفضائيات، والإسفيريات، بل أن تكون المساءلة، والمحاسبة، عبر القضاء ومؤسسات العدالة، وأن تسري علي كل من وقعت منهم تلك الأفعال، بصرف النظر عن إنتماءاتهم الحزبية، وتوجهاتهم الفكرية، وولاءاتهم الجهوية، أو القبلية !!!
* أما ممارسات الأحزاب السياسية، وخياراتها، وتوجهاتها، وبرامجها، وسلوكها، وممارساتها السياسية، فيبقي الحكم فيها (خالصا للشعوب) خاصة في الأوضاع والاقطار التي تدعي الإنتساب للديمقراطية، وذلك بأن يعود الجميع للإنتخابات العامة، الحرة النزيهة، أو الولائية، أو المحلية، ليقول الشعب كلمته، التي هي القول الفصل، في تلك الأمور.
ولعل من أمثلة ذلك، ما قام به الرئيس الأمريكي ترامب، وحكومته، وكثير من وزرائه، ومستشاريه، وقادة حزبه، من أفعال وممارسات غير قانونية، وغير مسبوقة في تاريخ أمريكا، تولي القضاء منها ما كان جنائيا، وفسادا ماليا، وإداريا، بينما تولي الشعب ما كان سياسات، وخيارات، وتوجهات، دفع ثمنها الرئيس ترامب، والحزب الجمهوري، بفقده للرئاسة، ولمقاعد كثيرة في الإنتخابات الأخيرة.
ومثل ذلك، نراه مرارا وتكرارا، يحدث في بريطانيا، وألمانيا، وفرنسا، وأستراليا !!!
وحتي في إسرائيل، فقد حكمت المحاكم في قضايا الفساد المالي، والإداري، ضد رئيس وزرائها السابق أولمرت، بينما تولي الشعب محاسبة حزبه في الإنتخابات، وقد جري ذلك أيضا لرئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، حيث تابعت المحاكم قضايا إتهامه بالفساد المالي، والإداري، بينما حاسبه الشعب بحرمانه الفوز بالإنتخابات !!!
* إعتبارا لكل تلك، الوقائع، والحيثيات، والمشاهدات، لم يعد مفهوما، ولا معقولا، ولا مقبولا، بعد خمسة وستين عاما من الإستقلال (والنضج والرشد) السياسي، أن يبقي الوطن رهينا، لهذا الهياج والتهريج، ولهذه البلطجة والهرطقة، التي يمارسها ” القحتيون، الموتورون، المدحورون ” بإصدار الأحكام والصكوك، بمن يحق له المشاركة بالرأي، أو الجلوس في منابر الحوار الوطني، أو في الإنتخابات، التي هم آخر من يعبأ بها، أو يضعها في جدول أعماله !!!
* ولكن الذي ينبغي أن يكون مفهوما ومعلوما للجميع، في هذا المضمار، هو أن الشيوعيين، والبعثيين، والناصريين، والجمهوريين، وحزب الأمة، وغلاة العلمانيين، يحملون أحقادا تاريخية، علي الحركة الإسلامية عامة، وعلي المؤتمر الوطني خاصة، ويضمرون رغبات ونزعات شريرة، ظلت مكبوتة، حتي انفجرت انتقاما، وتشفيا لا يعرف الحدود، غير أن الذي يجمع شتاتهم الآن، هو رعبهم وهواجسهم من منازلة المؤتمر الوطني، في أي انتخابات قادمة، علما أنهم جميعا (عدا حزب الأمة) يودون لو أن بينهم وبين الإنتخابات، بعد المشرقين، أو أمدا بعيدا !!!
* ومع ذلك كله، فإن المصلحة العليا للسودان، والخروج النهائي من هذا ( المأزق التاريخي ) تقتضي ترتيب (مؤتمر قومي عام) أو (اجتماعات منتظمة) تتناول أمهات قضايا السودان، حاضرا ومستقبلا، يدعي لها ممثلو مكوناته المدنية والعسكرية كافة؛ أحزابا، وحركات سياسية، وكيانات أهلية، ودينية، ومجتمعية، (دون استثاء أو إقصاء لجهة) فذلك حقهم جميعا كمواطنين، في هذا الوطن الكبير !!!
* السودان اليوم، في ظل الضوائق المعيشية، القاسية الوقع علي أهله، وفي خضم المخاطر المتفاقمة، والفتن والجوائح المتعاظمة، والإبتلاءات المتلاحقة، وفي غمار أهوال من الكيد الصليبي، والمكر الصهيوني، الذي يستهدف كيانه وثرواته، وثوابته ومقوماته، بكثيف تدخلاته، أشد حاجة لتوحيد صفه الوطني، وتقريب المسافة بين كياناته، وتعزيز المشتركات بين مكوناته، وخفض أصوات وأنفاس التنافس العشوائي، بين قواعده وقياداته، وتجاوز تلك المكايدات الصغيره بين أبنائه وجهاته، بل ينبغي علي هذا الوطن، باذخ التاريخ، وبكل عقلائه، ألا يغيب عنهم، في غمرة المنافسة والمكايدة، أن المؤتمر الوطني، والحركة الإسلامية، يملكون رصيدا مقدرا من التجارب والخبرات، ومن المعارف، والأسرار، والمعلومات، ومن العناصر المؤهلة والمدربة، ومن العلاقات والصلات، بحكم وجودهم في قيادة وإدارة شؤون الدولة، ثلاثين عاما، في ظل أقسي الظروف، وأعتي التحديات، وهم يعتبرونها ملكا لهذا الوطن الكبير المستهدف. وليس
من العقل، أو الحكمة، أو الوطنية، أو الرشد، أن تتورط القوي الوطنية الراشدة، في مستنقع الحماقات الحاقدة، العمياء، التي ما فتئت تسعي بهوس صبياني، لتقصي وتعزل أي كيان أو فصيل وطني، سواء في ذلك، المؤتمر الوطني، أو غيره من الكيانات، علما وعجبا، أن المؤتمر الوطني هو الذي دعا، عبر رئيسه لذلك (الحوار الوطني التاريخي) عام ٢٠١٤م، والذي لم يعزل، ولم يقص، ولم يستثن أحدا، إلا من أبي !!!
بيد أن الذي يؤلم حقا، أن تكون دوافع الإقصاء والعزل الحالية، تروج لها، وتسعي بها، جهات داخلية وخارجية معلومة، لصالح قوي أجنبية؛ إقليمية ودولية، أكدت الحقائق، والتجارب، والمواقف، والمعلومات، أنها لا تريد للسودان الخير، ولا الإستقرار، ولا النمو، ولا الإزدهار !!!
( إن تتبع أكثر من في الأرض، يضلوك عن سبيل الله، إن يتبعون إلا الظن، وإن هم إلا يخرصون ).
( وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ).