من وحي الأخبار

حتى نعود..!!

تابعت بياناً غريباً لكيان أو مجموعة تسمي نفسها (حتى نعود الغنائية)، وهم نفر ممن يسمون أنفسهم مثقفين وفنانين ومطربين أو ما شابه، يعلنون معارضتهم للحكومة القائمة في الخرطوم وأنهم ضد المؤتمر الوطني و”البشير” و”جمال الوالي”!! وقد تقصيت أثر تلك الجماعة فلم أقع على علم منهم أو صاحب صيت وإن علمت من منشوراتها أن مقرهم في أستراليا، وهو بلد أعرف أن الوجود السوداني فيه وجود مهاجرين عاديين ولم يرتبط في ذاكرة الأيام بنضال ومناضلين، ولكن تلك المجموعة ظهرت ودشنت نشاطها ببيان غاضب هاجمت فيه المطربة “إنصاف مدني” التي تقوم بجولة فنية تغطي بعض المدن الأسترالية!
المبدعون المعارضون أولئك ورغم أنهم وصفوا “إنصاف” بأنها محبوبة وذات شعبية كبيرة وهذه معلومة جديدة لي شخصياً.. ولا بأس.. لكنهم عادوا ولعنوها وأهالوا عليها التراب وسكبوا مداداً أسود بتلك العبارات الكبيرة والضخمة من شاكلة الفنانين الأبواق أنها من عناصر الدعاية للنظام وسياساته المعادية للشعب السوداني وحقه في الديمقراطية والحياة الكريمة، وأنها- أي “إنصاف”- دعمت المرشح “البشير” في حملته الانتخابية، وأنها كذلك غنت لمعارك (هجليج)، وهذا تطرف غريب ولا أعرف رغم أني لست على تعارف ومعرفة بمن هي “إنصاف مدني” فلست متبحراً في علوم الطرب والغناء، لكن أشفقت على المسكينة وأيقنت أنها تواجه نفراً من غريبي الأطوار.
هم أنفسهم يتخذون موقفاً يرونه صحيحاً، ولم يلمهم بشأنه أحد، أي أنهم يعلنون أنهم فنانون ومبدعون وكذا، وأنهم ضد نظام الحكم في الخرطوم، وهذا حقهم الذي لم يعبه عليهم أحد، ولكن حينما يتخذ شخص آخر خيارات موازية لهم تجد أن الأمر تحول إلى خطيئة لا تغتفر وعملاً مخالفاً لمجرد أن فناناً أو فنانة أو صحفياً اتخذ الجانب القريب من الحكومة، وهذه مفارقة يشترك فيها غالب الناشطين الموسومين بالمعارضة، فهم على حق وغيرهم دوماً على خطأ.. وإني لأعجب ما المعيب في أن تغني مطربة أو يكتب شاعر ممجداً الجيش السوداني الذي انتصر في (هجليج)؟ هل لكي تكون “إنصاف مدني” صالحة ومرضياً عنها عليها أن تشتم وطنها وجيش بلادها؟ أم أن عليها البحث في التاريخ الأسترالي والغناء لأحد الأبطال هناك؟!
مثل هذه البيانات السخيفة تثير عندي حساسية تجاه كثير من المسميات الهلامية التي تملأ الأسافير، وتطرح صباحاً ومساءً صكوك الغفران وبراءات الوطنية على الناس، والغريب والطريف في هذا الأمر أنهم عادة نفر من الفاشلين أصحاب الأسماء التي تطل علينا من وراء حجب المدونات، وإن بحثت في اسم أحدهم لا تعرف له سبقاً في أدب أو سياسة، وأمثالهم مئات ممن تعلموا المعارضة من أجل المعارضة دون أن يكون بعضهم مؤهلاً للعب أي دور موضوعي في النقد والتقويم.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية