حرب الشائعات
{ حالة التوتر التي يعيشها الشعب السوداني هذه الأيام تستدعي بعض التطمينات من قبل المسؤولين، إذ إن الشائعات الكاذبة قد اتخذت منحى خطيراً في الشارع العام للدرجة التي بات فيها البعض يخشي حتى من أصوات ألعاب الأطفال وقطع غيار العربات، لأن المعارضة وأجنحتها العسكرية قد نجحت بشكل كبير في إحداث حالة من البلبلة والقلق العام وسط كثير من المواطنين ولعلها واحدة من المحاور التي ترتكز عليها بشكل كبير من خلال الوسائط المتاحة عبر شبكات الإنترنت وجلسات العامة في الأماكن المختلفة.
{ عندما أطلع على بعض صفحات (الفيس بوك) أتخيل أن الجبهة الثورية باتت على مشارف الخرطوم في ظل التعاطي السلبي لمسؤولينا وتصريحات بعضهم المتهورة، إذ إن عطالى (الكيبورد) كما يقول الأستاذ “الهندي” قد تمكنوا من عمل مسح كامل وشامل للمواطنين المترددين على الشبكة العنكبوتية في ظل صمت مهيب من قبل الدولة التي فضلت الفرجة في ظل عبث تكتيكي ينتهجه المتمردون علنا.
{ والبرلمان والمجالس التشريعية يتناولون القضية حسب وجهة نظرهم ويعلنون التعبئة على الملأ وكأن “الحلو” قد تمكن من الحاج يوسف وفي طريقه للخرطوم، الأمر الذي منح المتمردين الضوء الأخضر لنشر مزيد من الشائعات المضرة وغير الصحيحة، لذلك لابد أن يتم التعامل مع المعطيات بذات الآلية التي تدور الآن وسط عناصر المتمردين، لأن الأسلحة الإلكترونية بيد الدولة ولابد أن تتم الاستفادة منها بالصورة المطلوبة.
{ وأتساءل يومياً عن وضعية الأحزاب المعارضة الداخلية، ورؤيتها في الأحداث الأخيرة والحلول التي ينبغي للدولة أن تتبعها، باعتبار أن المشكل هم عام في المقام الأول ولا علاقة له بالإنقاذ أو منسوبيها، ولكن الملاحظ أن الصمت هو سيد المكان والزمان، مما يعني أن بعض المعارضة مؤيدة لهذا الحراك و(مبسوطة) لتحركات المتمردين بل مراقبة للأحداث ويمكن أن تكون مساندة سراً من خلال المعلومات وتسريب بعض الملاحظات، الأمر الذي يضع بعضها في خانه المتمردين.
{ كنا نأمل في أن تكون هذه الأزمة مدعاة لإجماع وطني كبير باعتبار أن المشكلة وطنية في المقام الأول تستهدف العرض والأرض والولد، ولكن يبدو أن الأجندة الذاتية طغت على كل القيم والمكتسبات التي شغلوا بها الراي العام لفترة طويلة، مؤكدين نظريتنا فيهم لفترات بعيدة في أن خيارات “محمد أحمد” لن تكون واحدة من هذه المنظومات الإكرتونية والسلبية التي لا يهمها إن قضت الجبهات المتمردة على المواطنين أو إن اغتيل النساء والأطفال في رابعة النهار، وعليه فإن الجماهير لابد أن تكون أكثر وعياً في هذه المرحلة الحساسة وأن تتعامل بإيجابية في تلقي المعلومات المضللة وأن تنتهج أسلوب الحسم مقابل المرتزقة الجدد المهمومين بإثاره البلبلة في البلاد.
{ حرب الشائعات سلاح جديد وفتاك وخطير وينبغي أن يتم التعامل معه بآليات قادرة على الحسم، لأن المرحلة ما عادت تتحمل مزيد من الجراحات والمشاكل والأزمات، لذا فلتكن ضربة البداية بالشبكة الإلكترونية.
{ قال “ريجنسير لبيلك” إن أسرع أسلحة الدمار التي ظهرت منذ أن عرف الإنسان البسيطة هي تلك المعروفة حديثاً بالشائعات التي تنتهج أساليب مختلفة وباردة تصل من خلالها إلى كل المستهدفين ودون صرف مالي مرهق، بل تفوقت رغم مجانيتها علي النووي ومعدات الحرب وعتادها المعروف الأمر الذي جعلها ضمن أجندة الاجتماعات الاستخباراتية في إسرائيل والولايات الأمريكية والتي وجدت أن الخيار الأفضل للوصول للأهداف يمكن أن يتم دون استخدام العنف الذي خصصت له مئات المنظمات الإنسانية.