د. خالد حسن لقمان
.. من أسوأ مظاهر الحكم لدينا هذا الغموض الدائم الذي يحيط بأفعال و نوايا وخطط من هم علي سدة الحكم وهي حالة تورثنا الآن واقع مزري و حيرة كبيرة فيما يعتزمه من يحكموننا تجاه ما نواجهه من مشكلات متفاقمة و قضايا اصبحت دائمة و شبه دائمة معنا .. الآن تتدهور الحالة الاقتصادية بإضطراد مستمر و متوالي و هاهو جنيهنا ( المعذب ) يقترب من القبر بعد ان ظل في حالة موت سريري طوال الفترة الماضية وبالرغم من هذا .. لا أحد من هؤلاء استطاع ان يواجه الناس ويكشف لهم حقيقة الوضع كما هو بالارقام و الحسابات .. هل سيستمر هذا التدهور و الي متي و ما هي الخطط والاجراءات الحقيقية التي في حدود امكانيات الحكومة لتفعلها وما هي الجوانب التي في حكم المستحيلات بحيث نستطيع ان نتفاءل بقدر ما هو ممكن و نتحسب لكل ما هو في حكم المستحيلات لنتدبر امورنا كمواطنين .. و الصورة تتضح أكثر مع تجسيمها علي جوانب محددة في هذه الحالة المزرية .. الكهرباء .. ما الذي حدث فيها مسبقاً حين وصلت قبل رمضان لأسوأ أوضاعها و ماذا يحدث فيها الآن بعد ان عادت لوضعيتها السابقة من تراجع كبير زادت فيه ساعات القطع من الأحياء السكنية والمرافق الاخري .. لماذا لا يملك المسئولين الحقائق للناس .. الزيادات المتوالية في اسعار المحروقات .. لا احد بات مطمئناً علي بقائها في حالها ليكون مصير الناس ما بين الوقوع والتأثر بالشائعات و بين الافعال الحقيقية للحكومة التي يمكن ان تعلن اليوم قبل الغد عن زيادات جديدة في الوقود و أسعار الغاز الطبيعي .. أسعار السلع الاستهلاكية تتزايد و تتضخم و لا أحد من اهل الحكومة يخرج ليبرر او ليكشف عن اسباب هذه الزيادات .. من الذي يحكم الحكومة أم الشعب .. من الذي يجب ان يحيط الطرف الآخر بما يدور حوله و يؤثر علي حياته .. وهذا الغموض ليس علي مستوي ادارة حياة الناس ومعيشتهم فقط .. بل ان الأمر الآن بات متعلقاً بحال من يحكمنا الآن .. ما هي الأطراف التي لازالت داخل الحكومة ومن الذي خرج منها .. أنباء عن استشهاد سودانيين في اليمن .. هكذا تناقلت الفضائيات الخبر ولا أحد في الداخل يوضح ويملك المعلومة للناس .. جهة ما تعلن عن ايقاف الدراسة و جهة اخري تقرر استمرارها لتجابه الاسر بحالة من الارتباك الشديد الذي أثر علي استعداد ابناءهم للامتحانات بمثل ما حمل بعض الاسر تكاليف باهظة و خسائر كبيرة نتيجة لحيرتها مع اجازات و عطلات ابنائهم وهي تتعامل مع حجوزات السفر و التنقل داخل البلاد وخارجها .. هذا كله فضلاً عن غموض علاقات بلادنا الخارجية و عدم وضوح رؤية من يمسكون بملفاتها .. مع من الآن تتعامل دولة السودان ومع من تتحالف ومع من تواجه حالة الخصومة الاحتراب و التعاون و التطبيع .. ؟ .. انظروا الآن الحركة ما بين الخرطوم و الامارات والمحور العربي المتحالف علي هذه الجبهة و ما بينها و قطر و تركيا الجبهة الاخري التي بردت حالة التعامل معها الي درجة الصفر لتعود الآن درجة التعامل معها الي درجة الدفء بل و الحرارة العالية أيضاً .. اذاً ما الذي يحدث الآن .. هل نحن علي أعتاب تغير في واقعنا التحالفي الاقليمي و الدولي تبعاً لذلك .. ؟؟ .. كل هذا الغموض حتي وان كان علي مستوي السياسة الخارجية للبلاد لديه مردوده السيئ و المؤثر علي الشعب بكافة قطاعاته ونتيجته بالتأكيد حالة من الأحباط و الحيرة و الغضب .. نعم بات الشعب الآن حائراً و محبطاً و غاضباً ..