الاعمدةربع مقال

لم يعد العالم آمناً .. !!

ربع مقال

د. خالد حسن لقمان

.. أعتقد ان العالم علي وشك تحول اجتماعي و سياسي كبيرين بل و تغير ثقافي – فكري – عقدي أيضاً .. هذا احساسي الشخصي و ( أنا حر فيه ) .. لا أقول هذا من باب الدعابة ولكن ما يحدث اليوم من عدم أمان لانسان اليوم قد وضع البشرية خارج ميزان الحياة الطبيعية الآمنة التي اعتاد عليها بنو البشر وسعوا اليها منذ آخر حرب كونية وضعتهم علي فسطاطين متناجزين متناحرين متنافسين و لكن في وضع متوازن اوجد لهم ذاك الأمان .. ويبدو ان قراءة المفكرين السياسين وعلماء المجتمع التي توقعت هذه الحالة عقب الحالة ( الغورباتشوفية – نسبة لميخائيل غورباتشوف ) التي أطاحت بالمعسكر الشرقي وحطمته قد تأخرت طوال الثلاث عقود الماضية نتيجة لأمرين قد يكون الأول هو استكانة العالم كله بما فيه الفسطاط المتحطم وتسليمه أمره لكابوي القرن العشرين و دخوله كله تحت ( برنيطته ) دونما وعي نتيجة للضربة المفاجئة والقوية والحاسمة لكيانه السياسي و الفكري ونسيجه المجتمعي .. أو يكون الأمر مرتبط بقدر حجم وزنة عقل الفسطاط الثاني المنتصر الذي اصبح القوة الكونية الوحيدة يسرح و يمرح كما يشاء .. و نتيجة لعدم رؤية فلسفية لكيفية البقاء هكذا كقوة أحادية مسيطرة علي العالم بدأت الكتلة العاقلة في هذا الكيان تتآكل و تنقسم حتي وصلت الي عهد المعتوهين كأمثال ترمب ( غيب الله سيرته وزمانه ) .. وهذه هي مرحلة انحطاط الامبراطوريات التي تشعر فيها الشعوب البشرية العالمية بعدم الأمان لعدم وجود نظام متوازن يراعي المصلحة الجمعية لبنى البشر وهي المصلحة التي تتجاوز الاوضاع السياسية للدول والتنافس بينها في النفوذ والاقتصاد الي حال شعوبها في أمانهم الاجتماعي ونظمهم المعيشية والتعليمية والصحية الراسخة . وما يحدث الآن في زمان ( الكورونا ) هذا يمثل نموذجاً حياً لغياب الفكرة البشرية الجمعية التي تحمي وجودها المستقر ففي زمان الحرب الباردة كان الانقسام جغرافي – آيدولوجي استطاع المتحكمين فيه من ايجاد معادلة التوازن التي تبقي علي الجغرافيا مستقرة والآيدولوجيا حرة في كل معسكر بحيث لا يبغي أحدهم علي الآخر علي مستوي يهدد البقاء البشري و ينزله الي دائرة عدم الأمان والاستقرار بعكس الحالة التي يورثها الامريكان الآن لعالمهم الذي ظلوا يسيطرون عليه منذ سقوط الاتحاد السوفيتي وكتلته الشرقية الموحدة ( في جلها جغرافياً و بعضها آيدولوجياً فقط ) .. اذاً الأمريكان الآن يعودون بالعالم الي حالة الفوضي العارمة التي تتخلف عند زوال الامبراطوريات و الكتل الحاكمة .. ذات الصيرورة .. لم يستطع الامريكان الافلات منها مثلهم مثل من سبقوهم في هذا الكون .. اذاً فالعالم الآن تدور دورته من جديد فإما ان تعود الصورة لسابق عهدها بتطور سريع ونمو اسطوري للكتلة الشرقية بقيادة الروس من جديد او ربما بقيادة الصين الصاعدة اقتصادياً و عسكرياً والمتمددة جعرافياً الآن أو بإتحادهما معاً في مواجهة ما تبقي من امبراطورية الامريكان .. هذا أو أن يشهد العالم متغبراً كونياً جديداً لا يعلم به سوي خالق هذا الكون ولو كانت فترة نزول الأنبياء لا زالت بإرادة الله ومشيئته قائمة لقلت لكم انتظروا نبياً من عند الله .. هو فقط من سيعيد للعالم أمانه .. ولكن الله تعالي ختم مسيرة انبيائه بسيدنا محمد صلي الله عليه و سلم خاتم الأنبياء و لا نبي بعده الي يوم القيامة ذلك اليوم الحق الذي لا ريب فيه .. اذاً من ننتظر ليعيد للعالم أمانه .. ؟؟ .. هل هي نهاية الكون ونهاية عهد الامبراطوريات البشرية وبداية الدورة الربانية الخاتمة والوارثة للحكم البشري ..؟؟!! .. هل هي القيامة ..؟؟ .. أم انها مرحلة .. ( .. فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا ) – 7 ( الإسراء ) .. هل هي ثورة الشعوب التي سيقودها إيمان ( وعد الآخرة هذا ) فترفع بمشيئة الله تعالي راية الحق فتخترق الحدود وتقتحم القصور و تعود بالبشرية الي عقلها و ايمانها و أمانها .. ؟؟ .. نحن نؤمن بذلك ولكن الله وحده يعلم متي سيكون .. ما يقلقني في كل هذا أنه و بالرغم من كل وصلت اليه البشرية من تقدم علمي وتقني ونظم دولية منظمة لحياتها إلا أن لا أثر البتة لحركة الفكر البشري المتفاعل والحي و الباحث لنا عن مخرج من ما نواجهه نحن بنو البشر من حالة اللاأمان هذه التي نعيشها الآن ..
– حاشية :
.. كان لدينا استاذ في الثانوية كلما شعر بأنه قد تحدث كثيراً و نحن أمامه في الفصل نهمهم فيما بيننا .. يقول لنا .. ( هه .. انتو معاي و لا انا بقول كلام الطير في الباقير .. ؟؟ .. ) و .. بعد سنوات علمت ان الباقير هي ( حلة ) صديقي الدكتور عبد الله حسن محمد نور و قد قيل فيها المثل بعد ان شاهد القائل الطيور كثيرة و متنوعة علي الأشجار الوارفة وهي تعلو بأصواتها المتداخلة علي بعضها البعض حتي لا يكاد أحد يفهم شيئاً منها وهي المقولة التي أصبحت مثلاً يقال لمن ( طش شبكة ) .. اللهم ثبت لنا عقولنا و أرحمنا وأحفظ عالمنا آمناً مستقراً ..

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية