أخبار

قبعة (سلفاكير)

{ قال “روك سوان” في كتابه (أبجديات السياسة) إن المصالح السياسية تتطلب الهدوء والدبلوماسية والتعقل في التعامل مع المعطيات والأحداث حتى لا تنفرط حبات العقد وتعود إلى النقطة الأولى من الصراعات) وعليه فإن التصريحات التي تصدرت صفحات الخرطوم بالأمس حول تورط الحركة الشعبية في أحداث “أبو كرشولا” تصب في الجراح وتعمق الأزمات من جديد لنعود من بعدها إلى ذات المكان الذي تجاوزناه منذ أمد بعيد.
{ الحكمة تتطلب أن يتم التعامل مع قضية الجنوب بهدوء نسبي، على أن يتم ابتعاد الصقور والمتعصبين والمتشددين من الملف نهائياً، لأن الأوضاع الموجودة على سطح الواقع ترفض الأصوات العاجلة والمتعجلة في اتخاذ القرارات، فالمسافة التي قطعها الرئيسان لابد أن تجد المساندة الكاملة من كل الأطراف لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه الذي يعود بمصالح كبيرة للطرفين.
{ تعامل “سلفاكير” بتعقل كبير إبان مقتل زعيم قبيلة دينكا نقوك، وانحاز لصوت الحق وطالب المواطنين بالتروي وترك القضية برمتها للحكومة لاتخاذ الإجراءات المناسبة فيها مما يعني أن الرجل ما زال حريصا على تنفيذ ما تم الاتفاق عليه ومصر على تطييب الجراحات بين الدولتين بشكلها الظاهر لأن بواطن الأمور علمها في الغيب البعيد.
{ قد تكون الحركة الشعبية متورطة من قبل بعض قياداتها في بعض الأحداث وداعمة للجبهة الثورية ولكن الإجماع على تقييم الأشياء ينسف القضية ويسترجع الخطوات التي انطلقت وقطعت شوطاً بعيداً من أجل مواطني الدولتين الذين أرهقتهم السياسة والصراعات والحروب التي دارت لسنوات طويلة.
{ المتابع العادي يعلم تماماً متن العلاقات بين قيادات “الحلو” والحركة الشعبية خاصة في الفترة الأخيرة التي احتضنت فيها حكومة الجنوب قيادات التمرد، الأمر الذي وطد لعلاقات شخصية وسياسية صنعت (مكس) للترابط في شتى أنواع التعامل الإنساني، لذا فمن الطبيعي ان يكون هناك تنسيق سري أو تعامل من خلف الأسوار المقلقة ولكن قبل أن ندق على جدار السلام بيننا وإخواننا في الجنوب لابد أن ننظر للبنيان ككل ونكون أكثر دقة في تحديد المعلومات والشخصيات التي تسعي سراً لإيقاف قطار السلام الذي قارب من المحطة الأخيرة.
{ “سلفاكير” حسب تعاملاته الظاهرية ساعٍ لتوطيد العلاقات مع السودان، وعليه لابد أن نتحرك بفاعلية مع الرجل من أجل تنفيذ المطلوب من مصالح “محمد أحمد” بدلاً من سياسة التشكيك، لأن أدوات السياسة متوفرة لرد الصاع صاعين وبذات الطريقة التي يتخذها أهل الجنوب إن تأكد تورطهم في أحداث كردفان، فالعجلة في التصريحات واتخاذ الخطوات المكشوفة يبين أننا ما زالنا في بلاط البدايات السياسية.
{ قبعة “سلفاكير” تطل من جديد في الشمال حاملة معها أمال كبيرة وطموحات تضعنا في مصاف الدولة الكبرى، وفي مقدمتها البترول والجدل الذي دار سنوات في هذا الملف، لأن تدشين نقل البترول يعزز الحراك الاقتصادي ويدعم خطوات الاستثمار والتعامل التجاري بشكل كبير، فأرجو أن لا يتم نسفها دون دراسة كافية للمواقف.
{ أنا لا أبرئ “سلفاكير” ولا مجموعته من أحداث كردفان ولكن في ذات الوقت ننظر بحرص على الاتفاقيات التي تمت بين البلدين وراغبين في أن نجني ثمارها في القريب العاجل، فليس من المنطق أن نشعل الحرائق في كردفان ودارفور ونقحم الجنوب بسبب تصرفات بعض القيادات الجنوبية غير المسؤولة، فقليل من التعقل يحقق المراد.
{ أعتقد أن رئيس حكومة الجنوب ورغم المشاكل التي تدور في أراضيه سراً وجهراً ولكنه سيحضر للخرطوم حاملاً ومحملاً بأجندة سياسية ضخمة وكبيرة وفي مقدمتها إثبات حسن النوايا في ملف الجبهة الثورية وأعتقد أنها محمدة يمكن أن تصب في مصلحة الشمال بالإضافة للقضايا العالقة كأبيي والحدود وقطاع الشمال ولعلها قضايا ساخنة بنفس وحرارة الصيف الذي نعيشه الآن.
{ هدوء يا سادة من أجل التحرك العملي للقضاء على كل المشاكل.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية