الديوان

"وداد" قصة كفاح ونجاح رغم الإعاقة والظروف!!

لم تقف الإعاقة عائقاً أمام الشابة الودودة “وداد محمد خير” التي هي الآن موظفة باتحاد عام المرأة السودانية وتعمل كالنحلة في نشاط وحيوية، “وداد” التي لم يتجاوز طولها (المتر) بسبب إعاقتها التي هي قصور كبير في اليدين والرجلين، استطاعت أن تتعايش مع حالتها وتكابد المشاق ويكون شأنها شأن رصيفاتها، تتميز “وداد” بحسن المعشر والتعامل، ولا تفارق الابتسامة محياها.
الروضة ومرحلة كسب الثقة..
روت “وداد” قصتها مع الإعاقة والطفولة ورغبتها في الذهاب إلى الروضة مع بنات جيرانها اللائي يلعبن معها، ويقمن أيضاً بمساعدتها في اللعب بأداء كل ألعاب الطفولة واستيعابهم لإعاقتها، وهنا تبين أنها أحبت طفولتها وهي تروح ذهاباً وإياباً إلى الروضة محمولة على كتف أحد أفراد أسرتها نسبة لصعوبة المشي في تلك المرحلة، كما أضافت أنها كانت تحب الروضة والأطفال كثيراً ما أكسبها ثقة في نفسها لتعيش حياتها طبيعية رغم الإعاقة وصعوبة التعامل معها، لم تنعزل عن المجتمع أبداً كذلك أسرتها لم تكن تشعرها الإحساس بالنقص وعدم القدرة على فعل الأشياء، حملتها صغيرة على دار (ششر) للأطفال المعاقين مرة واحدة فقط لإعادة تأهيلها بعمل أطراف اصطناعية، ولكن الأسرة أحست بصعوبة الأمر وهي صغيرة وذهبت بها متقبلة الوضع دون عودة، وهنا تقول “وداد” إن تأخرها عن عمل الأطراف لحكمة أرادها الله لتمارس حياتها منذ الطفولة حتى الشباب وتواجه التحدي والصعاب وتنجز ما لم يستطع فعله الأصحاء، فرحلة التعليم من الروضة وحتى المدرسة مع بنات الجيران في منطقة (الحاج يوسف) محمولة أيضاً حتى السنة الأولى والثانية والثالثة لم يجعل الطفلة “وداد” تتذمر من تلقي الدروس في المدرسة، وتواصل التحدي والتعب الجميل ثمرة جهدها الآن، إلى أن تم توفير كرسي عجلة في المرحلة الابتدائية.
معاناة مع المواصلات..
وتواصل أنها تلقت جميع مراحلها التعليمية في مدارس (شرق النيل) وذلك في التسعينيات، وكان وقتها دمج المعاقين في التعليم النظامي موجوداً، بعدها التحقت بجامعة (أم درمان الإسلامية)، حيث درست إدارة المكتبات، وتوضح “وداد” أنها بعد وصولها لهذه المرحلة بدأت معاناتها تزداد خاصة مع (المواصلات)، وفي ظل المسافة البعيدة بين منزلها في (الحاج يوسف) ومقر الجامعة في (أم درمان) اتخذت خلال الأربعة سنوات داخلية طالبات جامعة (الأحفاد) مسكناً لها لقربها من الجامعة، وعن معاناتها تحكي أن وضع كرسيها المتحرك في المركبات يصعب عليها إلا بمعاونة الناس في ظل زحمة المواصلات وتدافعهم نحوها وعدم مراعاة بعضهم لظرفها سيما وأنها قصيرة للغاية، إضافة إلى ذلك بعد تخرجها من الجامعة ونيلها درجة البكالوريوس ازدادت معاناتها في أماكن العمل وأكثر ما يتعبها ويرهقها طلوع السلالم.
رحلة بحث عن وظيفة..
تفاصيل مهمة أوضحتها “وداد” تبين أنها حقاً أنموذجاً للفتاة المعاقة الناجحة والمتفوقة حتى على العاديات من بنات جيلها، فبعد تخرجها من الجامعة لم تقبع في بيتها منتظرة حلماً بوظيفة تصعب كثيراً على الخريجين العاديين ناهيك عن ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يعانون ما يعانون من صعوبة العمل، وإمكانيات بسيطة تجعلهم يعيشون حياة كريمة وليس عالة على الناس، “وداد” ذات الابتسامة الصافية تؤمن بأن العمل عبادة وحق مشروع لكل إنسان لديه أبسط مقومات المعرفة، وأوضحت أنه منذ تخرجها كانت تحب العمل في مجال التجارة، فبدأت ببيع (الحناء السودانية والمحلبية)، ومن ثم عملت شراكة مع صديقتها من بنات الحي في (صنع وبيع الشعرية المنزلية وبعدها عمل بلح الشام) وتوزيعه على الدكاكين، وتضيف أن رأس مالها كبير، واستطاعت أن تفتح محل اتصالات وبوتيك وتعمل فيه بذات نفسها إلى أن استقر بها الحال الآن في وظيفة مقرر للأمانة الاقتصادية باتحاد المرأة السودانية وقبلها كانت مسؤولة عن المكتبة فيه.
ولم تقف إعاقة “وداود” عائقاً لها في الكثير من الأمور الحياتية، فهي مرحة تتفاعل مع كل المناسبات الاجتماعية مشاركة، وهنا قالت إن اصطحاب أسرتها وتخص هنا عمتها لكل المناسبات الاجتماعية أفراح أو أتراح أكسبها حباً للناس والحياة والتعارف، ورقم ما تواجهه من مضايقات، فهي مؤمنة بأن هذا ابتلاء من رب العالمين.
ترفض الإشفاق عليها..
أكثر الأشياء التي تضايق “وداد” هي الشفقة الزائدة التي تحسها من بعض الناس ولا شيء سوى ذلك، وتوضح أن أكثر المواقف الطريفة التي مرت عليها هي اعتقاد البعض أنها مسكينة أو (شحادة) عندما تكون في مواقف المواصلات، فيضعون القروش على حجرها وتضحك كثيراً لتصرفات البعض معها في المجتمع، ولكنها متفاعلة مع الكل، فلديها صفحتها الخاصة على (الفيس بوك) تكتب فيها بصعوبة، وفي منزلها تقوم أحياناً بإعداد الشاي بعدما تصعد على شيء عالٍ كالطاولة أو الكرسي.
حالياً تدير “وداد” منظمة تسمى (شموس) بالاتحاد العام للمرأة السودانية تعني بالمرأة المعاقة وهي من المؤسسين لها، أيضاً تعمل في مجال التأهيل والتدريب وتمويل المشاريع التي تستفيد منها خاصة المرأة الكفيفة والمعاقة حركياً، موضحة أنها وفرت (150) مشروعاً وما تزال تسعى لتوفير المزيد.
رسالة للمعاقين..
رسالة أخيرة بعثتها “وداد” إلى كل المعاقين والمعاقات بألا ييأسوا من تحقيق أمنياتهم في الحياة والنجاح، فهي كافحت وتحدت الإعاقة، وتحمد الله على حالها وتتوق لكسب المزيد من العلم والمهارات التي تعينها على حياة أفضل، وآخر أمنياتها أن تحج إلى بيت الله الحرام قريباً، وأن تبقى منظمة (شموس) عالمية. وتوفق هي في تركيب الأطراف الاصطناعية التي تعينها على حياتها العادية بعدما أكد لها الأطباء أنها ستنجح.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية