ربع مقال
د. خالد حسن لقمان
جاء في الأخبار أخيراً أن السودان قد أجاز وعبر الاجتماع المشترك بين مجلسي الوزراء و السيادة الموقرين اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) مع التحفظ على المواد (2)، (16)،1/ 29 .
.. شئ غريب ومدهش حكومة انتقالية مدتها فقط ثلاثة سنوات توافق علي اتفاقية رفضت تحويلها لقوانين نافذة الولايات المتحدة الامريكية نفسها التي تعتبر أكبر دولة في العالم .. منذ أكثر من 40 عاماً فعلت أمريكا ذلك بسبب ضغط المحافظين في المجتمع الامريكي وتقاليده بجانب المؤسسات الأسرية والنسوية ومن ورائهم الحزب الجمهوري نفسه الذي يرى في ذلك إرتهان حاضر ومستقبل الشعب الامريكي لمنظمة وصفها بالتي يمكن أن تقع في (نزوات) تفرض من خلالها وصاية علي القوانين الأمريكية خاصة المتصلة منها بالمجتمع و أعرافه والأسرة وسلوك أفرادها ..
نساء أمريكا وأكبر حزب أمريكي يقولون إنهم لا يقبلون تحويل اتفاقية كهذه لقوانين تجيز زواج الشذوذ من الجنسين الرجل بالرجل والمرأة بالمرأة كما لا يقبلون أن تعطى المرأة حق الإجهاض لأن هذا يدعوها للفجور ويسبب تفسخاً في نظام الأسرة والمجتمع ..
هذه أمريكا أعلنت موقفها هذا منذ العام 1979م وصمدت عليه في مواجهة اللوبي الدولي الخفي الهادم للقيم والأخلاق .. ولكن حكومة السودان الانتقالية لا تصبر علي ذلك فقط لثلاث سنوات يأتي بعدها الشعب السودان الذي أتى بها ليقرر بإرادته الحرة بشأن هذه الاتفاقية المثيرة للجدل .. !!! .. مجلسا الوزراء والسيادة اللذان لا يملكان هذا الحق يوقعان علي (سيداو) معلنان تحفظهما علي بعض بنودها .. المدهش المثير ان هذه الاتفاقية تتيح للدول الموقعة التحفظ علي بعض البنود وهذا ذكاء خبيث لمن يقفون وراء ذلك لأنهم في البدء يجعلون الأمر مقبولاً في شكله لمن له تحفظات ويدفعونه دفعاً للتقدم في اتجاه الممنوع ثم يدفعونه إلى حضيض ذلك عندما تتقدم الامور لديه والأمريكان يفهمون كمجتمع ومؤسسات أسرية ذلك ولكن الحكومة الانتقالية السودانية الذكية هي الأخرى تفهم ذلك بطريقتها فتوافق اليوم علي سفر المرأة ، وتطليق نفسها من زوجها، و السفر بأولادها دون موافقته، و الاقامة منفردة دون موافقة اسرتها وولي أمرها .. ما هذا .. لماذا تترك هذه الحكومة الانتقالية بوزرائها و أعضاء مجلسها السيادي كلهم الآن كل مشكلات الشعب السوداني الثائر الصابر من أجل واقع قطع من لحمه و أسال من دمائه في انتظاره ..؟؟ .. ما لكم أنتم يا هؤلاء و سيداو .. ؟؟ .. هذه ليست مهمتكم مطلقاً .. إن كنتم تظنون أن هذا سيوفي لكم بمطلوبات القبول لدي المجتمع الدولي فأعلموا أنه لا يوجد مجتمع دولي يدعو للتفسخ و إهدار القيم و الأخلاق و المثل وهدم المجتمعات المحافظة السوية وإلا لفعلها المجتمع الامريكي الذي وبمعايير المدنية هو الآن أرقى مجتمع يمارس حياة عصرية صاحبة تجربة وممارسة قانونية ومجتمعية حديثة وهو من يقود هذا المجتمع الدولي إن وجد .. ولكن الامريكيين يرفضون وأنتم توافقون ان يحدث هذا في مجتمع جله مسلم وينهي دينه عن ذلك الم تقرأوون قول الحق تعالي في الآية 19 من سورة آل عمران : ( إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلْإِسْلَٰمُ ۗ وَمَا ٱخْتَلَفَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ إِلَّا مِنۢ بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْعِلْمُ بَغْيًۢا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ ) – صدق الله العظيم – هذا هو قول الحق يا هؤلاء انزله من فوق سبع سموات فلماذا لا ترضوه قبل ان تحاولوا بهذه العبثية أن ترضوا هذا الجسم الهلامي الظلامي الذي يسمي كذباً وزوراً المجتمع الدولي وهو في حقيقته مجموعة خبيثة تريد للمجتمع الانساني التفسخ والسقوط ليذله الشيطان ويقوده الي نار جهنم وهو الخبيث الذي سيخطب في متبعيه يوم القيامة علي منبر من نار نافضاً يده عنهم قائلاً لهم : في الآية 22 من سورة ابراهيم ( وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم ۖ مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ ۖ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ ۗ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) ..
والله إنا لنرجو صادقين يا من تقودون هذه الفترة الانتقالية وفي هذا الشهر العظيم شهر رمضان الكريم أن تراجعوا قراركم الأخرق هذا حتي لا تكونوا من هؤلاء العصاة يوم لا ملك الا لله الواحد القهار يوم تهتز السموات والأرضين بقول الحق تعالي لمن الملك اليوم ويأتي بعد صمت الخلائق أجمعين صوته تعالي .. لله الواحد القهار .