ربع مقال
د. خالد حسن لقمان
.. كيف يجب أن يقرأ هذا الذي شاهده الناس بالأمس في تشييع الدكتور الزبير محمد الحسن – وزير المالية الاسبق والامين العام للحركة الاسلامية السابق .. ؟؟ .. ما كل هذه الحشود ومن اين أتي كل هؤلاء .. حشود ضخمة لم تشهدها الخرطوم عن قريب .. امتلأت بها ساحة العزاء حتي فاضت بأضعاف عن سعتها الاستيعابية و تدفقت طرقات الجثمان المحمول علي الاعناق وبدت كما والفيضان المتدفق بسرعة دافقة وفائقة وقد أعطت الأنوار الخارجة من اضاءات الاجهزة المحمولة مشهداً خرافياً مدهشاً بدت فيه وكما النجوم المتراصة المتزاحمة علي صفحة سماء ليل ملأت فضاءه التكبيرات والتهليلات القوية بصداها الذي ارتجت له الارض تحت اقدام المشيعين .. ماذا يعني هذا .. ؟؟ .. هل عاد الاسلاميون بروحهم وحشودهم التي عرفوا بها من قوة وضخامة وتأثير .. ؟؟ .. اذاً أين كان كل هؤلاء خلال الفترة الماضية .. سؤال أطل بإلحاح ودهشة بالغة وشديدة من علي أعين سكان البراري أيقونة بسالة ثورة ديسمبر بشبابها وشيوخها ونسائها .. من هؤلاء و أين كانوا ومن أين اتوا ..؟؟ .. وماذا يمكن ان يفعلوا خلال الفترة القادمة اذا كان ما رآه الناس يمثل عودة يقظة حقيقية للتيار الاسلامي العريض الذي يتجاوز تنظيم الحركة الاسلامية او المؤتمر الوطني الي فضاء أهل القبلة من صوفية و انصار سنة و جماعات دينية وفكرية و وسياسية أخري ..؟؟ .. وهل ما حدث من مشاركة رسمية حزبية للكيانات والقيادات الحزبية خاصة من الحزبين الكبيرين الامة بجناحيه و الاتحادي الديمقراطي الأصل وكذا المشاركة النوعية من الحركات المسلحة يعني اعترافاً بكامل حقوق الاسلاميين للمشاركة في المرحلة السياسية الحالية والقادمة دونما حجر عليهم أو منع .. ؟؟ .. هل من شاركوا بالأمس في تشييع هذا الرمز الاسلامي الكبير يدعمون عودة سريعة وفورية للاسلاميين للساحة السياسية
بآعتبارهم قوة لا سبيل لتجاهلها وواقع لا مفر من الاعتراف به ..؟؟ .. علي مستوي ردود الافعال و التناول الاعلامي لم يكن مدهشاً اهتمام القنوات الاقليمية و الدولية بالحدث الا ان تغافل قناة الجزيرة الاخبارية الرئيسية عنه كان مثيراً للدهشة والحيرة ..؟؟! .. فيما كان غياب بقية القنوات المحسوبة علي مصادر التمويل الخليجية الأخري مفهوماً و مبرراً ولا يحتاج الي تفنيد وقد سرت نتيجة لذلك قشعريرة اهتزت لها أبدان المراقبين لتراجع قناة الجزيرة عن مهنيتها التي عرفت بها الا ان ما قام به الإعلام الجديد بوسائطه المختلفة ومواقعه المتباينة الحرة قلل كثيراً من اهمية تواجد الجزيرة وغيرها في القنوات ذات الارتباطات التمويلية بتلك المراكز في حدث كبير ومثير مثله تشييع شخصية كبيرة تمثل رأس التنظيم العقدي الذي صنع وقاد السودان طوال الثلاثة عقود الماضية في ظل تجاذبات لا زالت حية ومتفاعلة بين من اعتلوا سدة الحكم أخيراً و انصار النظام السابق وان كان من شاركوا في تشييع الامس قد تجاوزوا انصار النظام السابق الي التيار الاسلامي العريض مدعوماً بكافة اجسام اهل القبلة الفكرية والدعوية والسياسية بل ان غالبية من شاركوا من اسلاميين بالأمس اشير اليهم بأعتبارهم الاسلاميين الحقيقين الذي عادوا الي الساحة بموت الزبير بعد ان تركوها منذ سنوات حكم الانقاذ الاولي غاضبين او محتجين او مخالفين ..
.. وأخيراً وان كان هنالك تعبيراً مصيباً لما حدث بالأمس من هذا المتغير المدهش فإنه يقول بأن الراحل الشيخ الدكتور الزبير محمد الحسن قد فارق الدنبا واهباً روحه للاسلاميين الذين يعودون بها للحياة بعد موات استمر بجلهم سنوات طويلة لتقابله الآن استفاقة مفاجئة لهم اهتزت لها الساحة السياسية التي باتت مرشحة الآن لمتغيرات مفتوحة لا يدري أحد الي اين يمكن ان تؤدي نتائجها او الحجم الذي يمكن أن تصيبه تأثيراتها ..